الأسبوع الماضي انتفض الرأي العام ووسائل التواصل الاجتماعي حول قضية المبتعثة السعودية في كندا وزواجها من كندي "غير مسلم" حسبما تناقلته الصحف الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، رُميت فيه المبتعثة بأقذع الصفات والتجاوزات، التي وصلت إلى الشرف والعرض، ومن أناس متربصون يندس بعضهم خلف إطار "التديّن" والحرص والغيرة والغُسْل من أكبر "سدٍّ" للذرائع عرفناه!.

تكشفت حقائق القضية؛ فالمبتعثة تجاوز عمرها 30 عاما، وتدرس في جامعة ميموريال وقد تزوجت من شاب كندي "مسلم" اسمه إسماعيل أبو آدم، ويعمل في مجال الدعوة بكندا.. وحتى "أبريل" لم يتراجع أو يعتذر من ظنوا بها سوءا بإفكهم وبهتانهم، تتعجب لجرأتهم خوضا وتشهيرا دون تثبت أو تعقل أو مناقشة لأي خطأ ارتكبته المبتعثة، ولِمَ قررت ذلك؟ وما مبرراتها؟ دون ظلم وعدوان عليها أو على أسرتها.

وفي كل مرة يجعلنا ذلك نقف مشدوهين نحو التصدي بحملات منظمة، الهدف منها كالعادة مناهضة الابتعاث والوقوف عند أي خطأ لمبتعث أو مبتعثة لنحمّل برنامجا تاريخيا برمته وزر التربص والتصيّد، وذاك أسفاً ديدن الكثير فكل ما أتت نشوة البهجة والفخر بمخرجات الابتعاث ومنجزات مبتعثينا يتسلل "البعض" لجزئيات يعزف عليها ويضعها "وترا" سادسا ونشازا بين أقواس سوداء وخطوط حمراء تستفز المستقبل بوصاية دون دليل أو تمحيص وكأنهم يستبقون شهر "أبريل" بفرية لا بكذبة!.

قد تكون سنّة البشرية الجاعلة في كل أمة أو مشروع أو تغيير مقاومين ينبرون بكل الأساليب والأدوات لمناهضته والوقوف أمامه، وذلك ليس بغريب على برنامج الابتعاث، ففي بدايات "الابتعاث" تعرض ـ وما يزال ـ إلى حرب ضروس، بدأت معه موجة مناهضة متفاوتة الزمن والتصوير والعداء باللجوء أحيانا إلى المبالغة والتهويل لتحريف الحقائق وتزييفها وتفسيرها دون دلائل أو دراسات دامغة، واستمر ذلك بتصويره في عدة مناورات بأنه من أفتك الأسلحة لزلزلة الإسلام من القلوب، ومحاولة اقتلاع جذوره من نفوس المبتعثين، وتارة في الانهيار الخلقي وتأكيد السيادة للغرب، وتحقيق أغراض أعداء الأمة، ثم تبعتها "أُخر" بنشر صور سيئة هنا وهناك بإسقاطات وإيحاءات مبالغة دون تبين، مع ترويج قصص مختلقة وإشاعات أخرى مجتزأة لتكون كل الآفات للتشنيع بالمبتعثين، ثم اتسعت دائرة العداء أكثر حتى جُعل الابتعاث برمته لا خير فيه.

العداء "الأعمى" يختلق لنفسه ألف عذر وعذر، ليقنع نفسه بأنه فعل الصواب، والنظرة السوداء تظلم الحياة، وتشل وتربك من يعيشها، وهذا ما يجعلنا نتوجه بحيرتنا.. لماذا لا يكون مناهضو الابتعاث منصفين عادلين في آرائهم ومنهجهم وبموضوعية دون سكب للكأس الممتلئ؟

وكما ذكرت في مقالات سابقة.. أين أنتم عندما حول مبتعثونا مسارح ومواقع إلى جوامع كبيرة تخدم المُصلين من الجاليات المسلمة؟، ليقيموا فيها الدروس الدعوية لحديثي الإسلام، يمارسون أنشطتهم الاجتماعية بتوزيع التبرعات والصدقات على المحتاجين من المسلمين؟ أين كنتم من مئات الأخبار المشرفة لإنجازات المبتعثين وتفوقهم وبراءات اختراعاتهم المسجلة، وتنافسهم على المراكز الأولى في التفوق الأكاديمي والبحثي والاجتماعي التي سطروها في سماء دول الابتعاث ونقشوها وشما على مستقبل وطنهم؟ لماذا لم نرصد لهم حالة واحدة عبر "المنابر" و"الهاشتاقات" يشيدوا فيها بإنصاف ونزاهة بتلك الإنجازات أو حتى إشارة بشعور الفخر بهذا الشباب الملتزم بدينه ووطنيته والمؤثر بعطائه وسلوكه؟!

اقرؤوا نسب من أساء لدينه ووطنه من قلة ضئيلة جدا من المبتعثين سنجدهم فخرا بأنهم لم يتجاوزوا وبالأرقام غير القابلة لأنصاف الحلول ما يمثل حتى "ميكرو جزء" من ظاهرة، والتي يقابلها وبكل أمانة رقابة تامة وتوجيهات صارمة ومتابعة من الملحقيات الثقافيّة ضد كل ما يكتشف من ممارسات سلوكية تعبث بالدين أو الوطن أو الإنسان.

لكن أن ننسف مشروعا تنمويا واستراتيجية علمية وجهود دولة لتكريس الأفكار المناهضة مع خزعبلات التحذير والردح والإفك، وبالتفاف غير مقبول لا يحترم العقل والمستقبل، فهذا يجب التوقف عنده والرد عليه ولن نقبله ولن نتوقف عنده؛ فالتاريخ لا يلقي بالا لفرية أوكذبة أو حتى لـ"أبريل" نفسه!.