في وجه الأزمة المتصاعدة في سورية، والتي تقترب من نهاية سنتها الثالثة، تأرجحت مواقف الدول الغربية، خاصة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا، بين تأييد واضح وعلني للمطالبة برحيل الرئيس السوري بشار الأسد وبين قبول ضمني غير مُعلن ببقائه وإمكانية التعامل معه كشريك محتمل في مفاوضات سلام تشرف عليها منظمة الأمم المتحدة. وتقول دراسة أعدتها مؤسسة "تشاتهام هاوس" البريطانية للأبحاث إن هذه الدول انتقلت خلال هذه الفترة من التخطيط لتدخل عسكري في سورية ضد النظام الحالي إلى قبول بشار الأسد كشريك ومفاوض في مؤتمر جنيف 2، الذي يفترض أن ينعقد في يناير 2014، وذلك بعد موافقة النظام السوري في سبتمبر على تسليم الأسلحة الكيماوية السرية.

مواقف الدول الغربية لم تكن ثابتة ومتناسقة خلال هذه الفترة، بعكس مواقف الدول التي وقفت مع النظام السوري ودعمته خلال هذه الفترة، وبشكل رئيسي روسيا وإيران. بموازاة ذلك، ولكن بشكل لا يرتبط بشكل مباشر مع المفاوضات، أخذت الحكومات الغربية دور القيادة في تنسيق الجهود الإنسانية لحوالي نصف السكان السوريين، الذين هم بحاجة ماسة للمعونات والمساعدات العاجلة من غذاء ودواء ولباس ومأوى.

وتقدم دراسة تشاتهام هاوس رؤية استراتيجية للجهود الغربية المبذولة بشأن الأزمة السورية داخل الأراضي السورية وفي أراضي دول الجوار. وتقول الدراسة إن الاستراتيجية الغربية الفاعلة والمؤثرة يجب أن تعتمد على الابتعاد عن الصورة الشعبية المبسطة عن الصراع، التي تضعه في إطار صراع طائفي ديني. مثل هذه الاستراتيجية تحتاج إلى وجود أهداف أكثر وضوحاً، بما في ذلك إنهاء أعمال العنف وتقليص أعمال القتل ومنع انهيار الدولة السورية وتقسيمها إلى أجزاء متعددة. كما تحتاج مثل هذه الاستراتيجية إلى أن تستهدف المناطق التي تتمتع فيها الدول الغربية بسُلطة ونفوذ نسبي، وأن تتجاوز التركيز على توحيد المعارضة تحت مظلة الائتلاف الوطني السوري، وتتحرك باتجاه التعامل مع بقعة أوسع من الرأي العام السوري.

وتقدم دراسة تشاتهام هاوس التوصيات التالية للحكومات الغربية حول آفاق التعامل مع الأزمة السورية في المرحلة القادمة:

1- ضرورة تحديد أهداف أكثر وضوحاً ووضع أولويات حول ما يجب القيام به في سورية.

2- ضمان حماية سلامة ووحدة الدولة السورية وما بقي من المجتمع المدني فيها.

3- التركيز على المناطق التي تتمتع فيها الدول الغربية بنفوذ على الأراضي السورية.

4- التعامل والتواصل مع مجموعة أكبر من اللاعبين السوريين في هذه الأزمة المتصاعدة.

5- التركيز بشكل خاص على التواصل والتعامل مع المجتمع المدني السوري.

6- تحديد مناطق الاهتمامات المشتركة التي يتفق عليها اللاعبون الرئيسيون في الأزمة السورية.

7- وضع خطة لإصلاح المؤسسات الأمنية في مرحلة ما بعد انتهاء الصراع.

8- وضع رؤية واضحة ومحددة حول كيفية ضمان الأمن في مرحلة ما بعد انتهاء الصراع الحالي.

9- إعطاء الأمم المتحدة دوراً أكبر من مجرَّد القيام بمهمات إنسانية وتنسيقية بين الأطراف.

10- الامتناع عن النظر إلى الأزمة على أنها صراع طائفي بشكل أساسي واعتماد موضوعية أكبر في طريقة التعامل مع الأزمة.