أصدر الشاعر العربي السوري علي سفان ديوانه "نقوش زرقاء" من الحجم الوسط، بـ108 صفحات عن دار "إثراء للنشر والتوزيع" 2013.

و"السفان" مغرق في التراث، وأثر المكان وشخوصه ورمزيته واضح في أغلب نصوصه، مولع فيه لدرجة الوجد، يفرد انكسارات رحيله من خلاله، ولم يغب الوشم الأزرق على وجوه الأمهات في منطقته الذي رآه مذ تشكّلت ذاكرته وبدأت عيناه التقاط وتخزين كل ما تراه.

وفي غلاف ديوانه ترك ساحته بيضاء لتكون موطنا لنقوشه الزرقاء، أرادها بلون السماء لتشع ليلاً في ذاكرته أحلام مصابيح نقوشها التي عنونها بـ(يا أنت – مهاجر بلا وطن- توأم- بطاقات- للحب..والوطن- عشق أموي- المساء..ورحيل الشمس – شهرزاد الليلة الألف – ليلة اللقاء – اغتراب – من شواطئ البعد.

بلغة بسيطة سعى السفان المبحر بمركب الحنين والعاطفة إلى تشكيل صورته الشعرية متكئاً على الرمزية في بوح وإعلان كوامنه الجوانية الدفينة، يظن القارئ للوهلة الأولى أنه يكتب عن حبيبة ابتعد عنها، وأرّقه البعد عنها، لكنه يناجي المكان – الوطن- لأنه معشوقه الأول: "لو كنت أعرف/ أنّ بعدك..هكذا/ ما كنت أعلنت السفر/ ما كنت أعلنت الرحيل بلا صور).

يغوص في الموروث الشعبي متكئاً على دلالته فأحسن استخدامه وتوظيفه في نصوصه الشعرية، استطاع أن يرسم صورته بحرفية:

"ما كنت أعرف/ أنك التعويذة الزرقاء../ من وجعٍ عميق سُومري/ كالنخل شامخة على/ شطآن نهرٍ بابلي".

يشكّل السفان صورته الشعرية ببساطة لكن دلالاتها عميقة، يبحث عن مدينته يحمل في البحث عنها وجعه الذي لا يُشفى إلا برؤيته لها "أبحث عنك في كل الدُّروب../ شربتها بعيوني الظمأى إليك../ قرأت كل بيوتها/ حاكيتها حرفاً بحرف/ لأراك بين حروفها/عايشتها حرّاً وبردا/وطَرِيْقي الحبُّ الذي/ رَسَمْتهُ عبْرالدّهر ذاكرتي../فأوصلني إليك".