استبعد وزير المياه والكهرباء المهندس عبدالله الحصين وجود أي نية لرفع أسعار المياه في المملكة والتي تعد من أقل الأسعار عالمياً، مؤكداً لـ"الوطن" أن أسعار المياه لن ترتفع إلا بقرار من مجلس الوزراء، مستدركاً بقوله: "الدولة رغبت في ألا تلجأ لرفع أسعار المياه وتحاول بأساليب الترشيد حث المواطنين على الترشيد".

وفي تصريح خاص لـ"الوطن" شدد الحصين على أهمية الترشيد في استهلاك المياه والطاقة بشكل عام، مشيراً إلى أن الجهات الحكومية تبذل مساعي حثيثة لترسيخ أساليب وطرق الترشيد، فيما تعمل بشكل دائم على تغيير المواصفات والمقاييس التي تضمن كفاءة الاستخدام، حيث تم تعديل الكثير منها نحو استخدام منتجات ذات كفاءة عالية.

وأتى حديث الحصين على خلفية تزايد أرقام معدلات استهلاك الطاقة في المملكة، والتي تزيد عن معدلات استهلاك الطاقة في الدول الصناعية في العالم، في حين كشفت هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج لـ"الوطن" في وقت سابق عن أن سعر المتر المكعب للمياه يكلف الدولة 15 ريالاً ويباع للمستهلكين بـ10 هللات فقط، مطالبة بالترشيد في استهلاك الكهرباء والمياه، معتبرة في ذات الوقت أن من أهم أسباب الهدر انخفاض أسعار الطاقة، وعدم كفاءة الاستخدام من قبل المستهلكين.

ودقت الهيئة ناقوس الخطر حول مستقبل المياه في المملكة إذا ما استمر حال الاستهلاك على هذه الوتيرة المتصاعدة، مشيرة إلى وجود مصادر مياه يجب المحافظة عليها وعدم الهدر، معتبرة أن الاستهلاك المفرط للمياه سيسبب أزمة مياه في المستقبل.

يذكر أن المركز المالي الكويتي "المركز" أصدر الشهر الماضي تقريرا عن قطاع المياه في السعودية، حيث سلط الضوء على اتجاهات العرض والطلب ومستجدات الاستثمار في القطاع، كما حدد عوامل النمو وبعض النقاط المهمة لفهم القطاع. وذكر التقرير أن وزارة المياه والكهرباء السعودية قد أعلنت عن خطة لاستثمار 133 مليار دولار في قطاع الكهرباء والمياه خلال السنوات العشر القادمة، وقد خصصت الوزارة 7 مليارات دولار للإنفاق على مشاريع المياه في عام 2013.

ويتوقع التقرير أن يرتفع حجم الإنفاق نظراً إلى أن هناك المزيد من المشاريع لتحلية ومعالجة المياه، مستشهداً بمشروع ينبع لتحلية المياه الذي يصل حجم الإنفاق على المرحلة الثالثة منه - وهو طور التنفيذ - إلى ملياري دولار تقريباً، ويصل حجم الإنفاق على مشروع رأس الخير لتحلية المياه إلى 1.5 مليار دولا تقريباً، كما أن هناك مشاريع أخرى لمعالجة المياه قيد التخطيط والتنفيذ، ويقدر حجم الإنفاق عليها بمليارات الدولارات. كما تعتزم الحكومة السعودية إنتاج ما يقارب 50% من مياه المملكة المحلاة باستخدام الطاقة الذرية والمتجددة، فيما من المتوقع أن يتم استثمار مبالغ ضخمة في هذه المشاريع خلال السنوات القليلة القادمة.

وتميل حكومة المملكة بحسب التقرير إلى الاعتماد على شركات القطاع الخاص في مجال تشغيل وصيانة هذه المشاريع، ففي يوليو 2002 أصدر المجلس الاقتصادي الأعلى السعودي قرارا يحدد أطر مشاركة مؤسسات القطاع الخاص في "شركات إنتاج الكهرباء والماء المستقلة" IWPPs، وتسعى الجهات الرقابية المختصة إلى تشجيع استثمارات القطاع الخاص في قطاع الكهرباء والمياه.

وتم إنشاء الشركة السعودية للكهرباء والمياه كالمشتري الوحيد للمياه التي تنتجها محطات تحلية يديرها القطاع الخاص.

ويشير تقرير "المركز" إلى أن المعدل السنوي لاستهلاك الفرد للماء في السعودية يبلغ 950 مترا مكعبا، وهو معدل مرتفع مقارنة بالمعدل العالمي لاستهلاك الفرد (500 متر مكعب/سنة)، ويستهلك الفرد تقريبا ضعف ما يستهلكه الفرد في الولايات المتحدة من المياه.

ونظراً إلى أن معدل النمو في المملكة يبلغ 3%، يتحتم على السعودية أن تجد طرقا جديدة لتلبية الطلب المتزايد على المياه، في حين تعتمد المملكة على تحلية المياه كمصدر رئيسي، وتتطلب عملية التحلية طاقة كبيرة لتحويل مياه البحر المالحة لمياه قابلة للاستهلاك الآدمي، إلا أنها الطريقة الوحيدة حتى الآن لتوفير مياه كافية للمستهلكين في المملكة.

وتعتبر دول مجلس التعاون الخليجي الأقل توافرا للمياه على مستوى العالم، حيث يتم استخلاص المياه بمعدلات تفوق توافرها في المصادر الطبيعية. وتشغل السعودية حاليا 27 محطة تحلية مياه تنتج 3 ملايين متر مكعب في اليوم، مما يجعل المملكة المنتج الأكبر للمياه المحلاة في العالم، وتعتبر تكلفة مشاريع التحلية في السعودية منخفضة مقارنة بباقي دول العالم بسبب توافر الاحتياطيات النفطية في المملكة، إلا أن هناك مساعي لتحسين طرق إدارة هذه الموارد الطبيعية الناضبة، حيث تعتزم السعودية إقامة مشاريع معالجة وتدوير مياه الصرف الصحي.