يبدو العالم صاخبا جدا في "تويتر".. ثمة معارك وبطولات، وضجيج واستعراض.. وثمة خلط بين الرأي والمعلومة، وبين التوقع والواقع، وبين الحقائق والأباطيل، لكن الكل يمضي باحثا عن الأضواء، مستجديا الشهرة حتى لو بادعاء ما ليس فيه، وحتى لو بالكذب على الآخرين، وإيهامهم أنه يحمل لواء الفضيلة والمعرفة، وأنه "الناجي الوحيد" من مستنقع الآثام الذي يُسقط فيه كل الآخرين.
يوهمك البعض هناك ـ وهذا ليس ذنب تويتر أبدا ـ أنه يتمسك بالمثل والمبادئ، وأنه لا تأخذه في الحق لومة لائم، لكنه لا يتورع عن مجافاة الحقائق، فيطعن هذا، ويذم ذاك، ويختلق الأكاذيب ليدير معركة يمتطي فيها صهوة الكلمات كفارس من القرون الوسطى يخوض حربا ضد قوى الشر، لكن حربه في الحقيقة ليست إلا مثل حرب "دون كيشوت" ضد "طواحين الهواء" في رواية سرفانتس، إذ إن المواجهة معه في الحقيقة ستكشف البون الشاسع بين ما يدعيه من قوة وثبات وعلم، وبين ما هو عليه في الحقيقة من "خواء".
متابعة حسابات كثيرين من العاملين في الوسطين الرياضي والإعلامي على تويتر تأخذك بعيدا عن أن المنافسة الرياضية فعل فيه كثير من الوجدان والحماسة والترفيه والتسلية والتربية، وعن أنه لا ينحصر أبدا في "الفوز والخسارة"، على الرغم من أنه يجري على مسرح الملاعب، وفي حضور الجمهور، وتلقي بك لتعطيك إيحاء أنك أمام حرب ضروس، قلة فيها تجنح نحو المنطق، وكثيرون فيها يخرجون التنافس الرياضي عن مقاصده، ويحولونه إلى التأويل والاتهام والدخول في الذمم.