مع بداية كل فصل صيف أو شتاء تقوم "أم ريماس" بفرز ملابس أسرتها، لترى ما سيتم استخدامه منها في الفصل الجديد، وما لا تحتاجه لعدم صلاحيته، أو تغيير مقاسات أولادها، غير أنها تقع دائما في حيرة وتتساءل: أين تضع تلك الملابس؟ ووجدت أخيراً ضالتها في صناديق المؤسسات والجمعيات الخيرية.

تقول "مع دخول كل فصل نتخلص من ملابس الأسرة القديمة، لتغير مقاسات الأبناء، والموضات، فنجد في حاوية الجمعيات الخيرية الحل الأمثل للتخلص من فائض الملابس بعيداً عن التبذير المنهي عنه"، غير أنها تصدم في كل مرة بعدم اعتناء الجمعيات بمثل هذه الحاويات وتركها مهملة.

أما صالح السناني فيقول "ما إن يحل فصل الشتاء حتى نتجهز له بشراء كميات كبيرة من الملابس لمواجهة برودة الطقس، وعندما ينتهي لا نحتاج إلى غالبية الملابس الموجودة لدينا، المشكلة التي كانت تواجهني أنني لم أكن أجد المكان الملائم للتخلص منها، أحيانا كنت أضعها في أكياس محكمة، وألقي بها بجوار صناديق المهملات في المجمع، فربما يعثر عليها أحد عمال النظافة، ويستخدمها، ومنذ عام لمحت بجوار أحد المساجد صندوقا لجمع الملابس الزائدة عن الحاجة، وهو مشروع أعدته إحدى الجمعيات الخيرية لجمع الملابس المستعملة فيه، وتوزيعها على المحتاجين، ووجدتها بالفعل وسيلة مناسبة للتخلص من الملابس الفائضة عن الحاجة بشكل أفضل وأكثر نفعا، حيث ستصل عبر هذه الجمعيات إلى مستحقيها الفعليين، والأهم أنها ستكون صدقة نأمل أن يتقبلها الله تعالى منا".

يقول إمام مسجد "الرحمة" بحي الخضر بالمدينة المنورة عبدالغني الرحيلي إن "صناديق التبرع التابعة للجمعيات الخيرية وسيلة جيدة يلجأ إليها من لا يجد وسيلة للتخلص من فائض الملابس لديه"، ولكنه يفضل تقديم الملابس إلى أناس يعرفهم يسكنون بذات الحي. ويرى أن تحرج الكثيرين من إهداء الملابس والتصدق بها على المحتاجين من القريبين منه ضيع عليهم أجر الصدقة، وحسن المجاورة، مع أنه لم يجد حرجاً ولا ممانعة من الذين يسكنون معه بذات الحي، وخصوصاً من الأسر المقيمة من أفريقيا وشرق آسيا. ولا يقلل الرحيلي من شأن صناديق التبرع التي توزعها الجمعيات الخيرية، غير أنه يؤكد أن كثيرا من المقيمين لا يجدون في محيطهم من يغطي حاجتهم من الملابس، خصوصاً في هذه الأجواء القارسة، مشيراً إلى أنه يفضل تقديم هذه الملابس إلى أناس محددين في محيطه يعرف مدى عوزهم وحاجتهم. ولكن بعض المتبرعين عبر هذه الصناديق يشكون من امتلاء بعضها في كثير من الأحيان، مما لا يسمح بوضع المزيد من أكياس الملابس فيها، مما يضطرهم إلى وضعها بجوار الحاويات، الأمر الذي قد يعرضها للسرقة أو الضياع، ووضعها في صناديق القمامة من قبل عمال النظافة. ويطالبون الجهات المسؤولة بمتابعتها باستمرار، وتفريغها من محتوياتها، حتى يتسنى للآخرين الاستفادة منها.

ومن جهته طالب الباحث الاجتماعي، عضو اللجنة السياحية بالغرفة التجارية بالمدينة المنورة المهندس عبدالغني الأنصاري بتطوير الجمعيات الخيرية، وتحديد أهداف ذكية لها، وإنشاء مشاريع استثمارية بشراكة مع القطاع الخاص لتنمية الموارد المالية، والعمل على إيجاد وقف خاص لكل منها يمكنها من تمويل مشاريعها المستقبلية.

وأضاف أن على الجمعيات الخيرية استخدام التقنية، والوجود المستمر في شبكات التواصل الاجتماعي، وإنشاء قاعدة بيانات للعملاء، وإصدار بطاقات لأصدقاء العمل الخيري، وإطلاق مجموعة مبادرات سنوية بشراكة مع القطاع الخاص، والابتكار في التسويق بطرق أكثر إبداعا.

واقترح الأنصاري استحداث جائزة لأفضل جمعية خيرية، لزيادة التنافس بين المؤسسات العاملة في هذا المجال.

بدورها تواصلت "الوطن" مع مدير مؤسسة مكة الخيرية بالمدينة المنورة عبدالمحسن الحربي بخصوص إهمال حاويات جمع الملابس، فطلب مخاطبته رسمياً عن طريق الفاكس، ومنحه مهلة للرد، إلا أنه لم يرد حتى ساعة نشر التقرير.