وهنا تحديدا، وعند هذا المنعطف من حياتك، إن كان يطلق على ما عايشته حياة، عد وفتش عن حقيقة كل الأشياء، جميعها بلا استثناء، وضعها في قائمة مجدولة طويلة، تبتدئ بك أنت، حيث تكون، بلا مجملات، واجعلها ممتدة حتى "اللا حدود"، وامنح كل شيء وقته المستحق من التعقيب، وقلب كل واحد منها على حدة، وكن صارما قاسيا في التقييم، وجرب أن تنبش أولا، بعد أن تعبث بك، بالثوابت المقدسة في أنهار روحك المتدفقة، كالأهل والأصدقاء والفكر والعمل، واسرد الأولويات حسبما يحتل قمم قوائم حياتك، وكن محايدا، أو على الأقل موضوعيا.
وجرب أن تعيد صياغة كل الأشياء، وتخلق تعريفات حديثة لكل ما يتعلق بك، وارسم طابورا طويلا يتضمن كل ما تحب، وحتى لو كان قصيرا، المهم أن تحدد ما يجب أن يمتلك جزءا منك، ومن وقتك، ويستحق أن تهديه مساحة الحياة، وتعيش معه وله، وتمنحه أنت.. تصالح معك، لتتصالح مع كل شيء في هذا العالم، وكن أنت، وعش لك، واحذر أن تسمح للآخرين أن يفرضوا عليك طريقتهم في اللبس، ويختاروا لك ما يشتهون من الأكل، ويملوا عليك ما تقول، ويخبرونك بما يجب، وينتقوا لك ما تقرأ، ويفرضوا عليك واقعا لا يمثلك، وحياة لا تترجم قناعاتك، وعالما لا يشرح سوى آخر.. هو ليس أنت، ويدفعون بك للازدواجية، وارتداء الأقنعة، تحت مسميات كثيرة، تختلف باختلاف الاحتياج، وبطرائق متباينة، تنمو وتعيش في البيئات الحاضنة للتناقض.. تذكر دوما أن التسويف يقضم من دفاتر العمر، ويجبرك على الرضوخ لأيام لا تنتمي إليها، ويقودك إلى نقاط التقادم، ويهديك الخيبات على غرة، ويهذبك على "اللعن"؛ ويجبرك على العيش في الوقت الضائع، ويخبرك أن الاستمتاع بالسفر هو الوصول إلى
المطار بعد إقلاع الطائرة، وأن الفرح لا يوجد إلا في أقفاص بعيدة، يمتلك مفاتيحها آخرون.. لا تعنيهم السعادة، ولست ممن يجب أن يفعلوا ذلك من أجله!.. (انتهى). والسلام