هناك نوعية رديئة جدا من البشر، حتما تصادفونهم في حياتكم اليومية والعملية وخلال تجاربكم، ممن نُطلق عليها لقب "أبو وجهين"، أمامك بوجه وخلفك يرتدي وجها آخر.
هذه النوعية دون شك مقززة، وتراها في كل طيف ولون ومهنة، فهم أصحاب المصالح والكراسي لا المبادئ، لكن ما أتحدث عنه هنا تتمثل في تلك النوعية التي ظهرت بعد تجريم جماعة الإخوان المسلمين، وتصنيفهم في السعودية من المنظمات الإرهابية، فهم من نوعية "أبو وجهين"، الإخونجية ممن ينتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين ويدعمونها سرّا، ويتمنون خليفة لهم يعيد إليهم تجارة الرقيق وسبي النساء!، ثم غيروا جلودهم كـ"الحرباء" بعد قانون التجريم الأخير لهذه الجماعة، تجدهم كامنين في أنفسهم فكر الجماعة، مطلقين ألسنتهم وأقلامهم بما لا تُصدق عليه قلوبهم!، وهؤلاء اليوم هم آفة المجتمع السعودي بكل صدق. كيف لا وهم الثمرة الفاسدة التي نحصدها بما زرعناه من حسن الظن وطيبة القلب مع "الجماعة" خلال العقود الماضية، حين تمت استضافة من تم طردهم ومطاردتهم من مجتمعاتهم وبلادهم، لنعاني بسبب تغلغل فكرهم وتزاوجه بمدارس دينية أخرى بطفل فكري مشوه يتبناه بعض الملوثين في بعض المؤسسات والوزارات!.
إلا أن الأسوأ هو أن تكون هذه النوعية موجودة وعاملة في بعض المؤسسات الإعلامية المحلية والثقافية كبعض الأندية الأدبية، ممن كانوا قبل التجريم متحمسين للإخوان ويصرخون لهم، وبعد التجريم غيروا جلودهم الثقافية سريعا؛ ليتماشوا مع المصلحة التي لا تُخسرهم مقعدا حصدوه في انتخابات فاشلة يوما ما بالأندية الأدبية؛ نتيجة لائحة أدخلت من "هبّ ودب" في صالون الثقافة من المفلسين، الذين يتوكؤون على عكاز "الدال" الجامعي، ممن أنتجهم الفكر الإخونجي الأكاديمي! وليسوا هؤلاء فقط، هناك من الإخونجية في أزقة الصحافة أيضا ممن يتخذون هذه المهنة مصدرا للارتزاق، وتحقيق مصالح ذاتية على حساب المصداقية، ولا تغيب عنكم نوعية "أبو وجهين" في شوارع "التدين المصطنع" من تجار الدين ـ عفوا ـ أقصد تجار "البُقشة" لبعض الدعاة في بعض المحطات التلفزيونية، ممن يتنعمون في رغد الحياة ويركضون خلف نعيمها، فيما تراهم يوصون الناس بالزهد والجهاد!.
ما أود قوله اليوم ببساطة دون أن أدفع إلى مسألة التخوين وإنما التحذير، يتمثل في أن هؤلاء ممن يمتلكون خزانة "أقنعة" لوجوههم بجانب خزانة ثيابهم، ويخرجون كل يوم إلينا بقناع يتناسب مع مصالحهم غير النزيهة يجب الحذر منهم، خاصة أنها نوعية متمرسة على النفاق و"التقية"، لكن أفعالهم التي يستغبون الناس بها فسوف تفضح ما تضمره نفوسهم عاجلا أم آجلا، والتهاون معهم أو إعطاؤهم مزيدا من الفرص بسبب "القلب السعودي الطيب" و"حسن النيّة" أمر علينا التوقف عنه، إذ يكفينا تعطيلا للتنمية والتطور الحضاري؛ بسبب ما أفرزته هذه الثمرة الفاسدة التي وجدت طريقها يوما ما إلى المناصب والإعلام، لمجرد تقصير ثوب وإطالة اللحية وحلاوة لسان دون كفاءة مؤهلة أو ضمير لا يعقل من أمر الحياة سوى مصالحهم!.