السيناريو ـ ببساطة ـ هو العمل الفني المكتوب على الورق، وبقيت هذه الكلمة ذات الجذور الإيطالية تستخدم في المجال الفني دون غيره من المجالات، حتى بدأ الاهتمام يتركز على علوم "المستقبل" في منتصف القرن الماضي، فاستعيرت من المجال الفني لتصبح دالة على أهم فروع هذا العلم، ويقصد به، وصف احتمالات الأحداث المختلفة في المستقبل، والتدابير التي تتخذ حيالها في حال وقوعها، "للاستزادة مراجعة موسوعة مقاتل من الصحراء".
ولو افترضنا تطبيق هذا العلم في وزارة الصحة مثلا، لكان الوضع كالتالي: الوزارة في أوقات "الروقان" وضعت عشرات السيناريوهات لحالات مختلفة يمكن أن تحدث، وبنت لكل حالة سيناريو "ملف"، منها حالات انتشار فيروس غامض وجديد، وفور ورود الأنباء عن "كورونا" ليس على الوزارة إلا أن تخرج ذلك السيناريو الذي تم العمل عليه لسنوات، ويتم تحديثه وتطويره بشكل دائم، وهو يحتوي على الإرشادات كافة، التي يجب اتباعها في كل مراحل الفيروس وانتشاره، ثم ستجد في ذات الملف تعاقدات مبدئية مع جهات تنفذ أعمال ورسائل توعوية توجه للمجتمع، وقواعد تعامل الوزارة مع الإعلام بالتفصيل، وتفاهمات مسبقة مع أهم قنوات البث، ولوجدت عناوين أهم الخبراء على مستوى العالم، عرفت ستتصل على من؟ وفي أي مرحلة؟ وماذا ستقول؟ ومن الذي يجب أن يكون إلى جوارك كمسؤول في تلك الساعة؟!
السيناريو غير الفني، هو أن تجلس كمسؤول بعيدا عن الأعمال الروتينية، وتوقيع الإجازات والجزاءات، وأن تقول ماذا يمكن أن يحدث غدا من أمور قد تعكر صفو حياة الناس؟، وساعتها كيف سأتصرف؟، وتبدأ تضع الخطط وتعقد الاتفاقات.