صاحبي غرد في (تويتر) قائلا "كيف يجرؤ البعض على تفسير نقد الظواهر السلبية في المجتمع من فساد بأنواعه، وتدهور للخدمات الأساسية وتعثر المشاريع التنموية على أنه جلد للذات؟".

لعلها مصادفة أن يكتب صاحبي هذه الكلمات في نفس اليوم الذي كتبت فيه مقالة هنا بعنوان (سخرية وتهكم)، وقلت بالضبط "حتما هناك منجزات كثيرة تحققت، وحتما هناك تقصير وإهمال وفساد، وحتما هناك أيضا من لا يتحمل مسؤوليته ويؤدي واجبه كما ينبغي، وكلنا يدرك أن عيوبنا ونواقصنا ليست قليلة، لكن البعض يرى –ربما عن عمدٍ- نصف الكوب الفارغ فقط، واختار أن يواجه المشكلات بسلبية قبيحة ويسابق من هم على شاكلته على نشر الغسيل والتشهير بالوطن، حتى وصل الأمر للسخرية من كل شيء، سخرية لا هدف لها إلا النقد من أجل النقد، حتى باتت الأساليب والأدوات التي نتخذها في السخرية من بلادنا وأبناء هذه البلاد من أبرز الأخبار التي ينشرها عنا غيرنا لتحقيق نسب قراءات ومشاهدات عالية في وسائل إعلامهم المختلفة.

بات البعض تحت حجة الإبداع والإعلام الحر المفتوح يسخرون كل طاقاتهم للسخرية من بلادهم، بينما من هم خارج الحدود يتلقفون بعض منجزاتنا مفاخرين بها ومتخذين منها شاهدا يضغطون به على حكوماتهم التي لم تقدم لهم ما يماثله في بلادهم".

وفي تلك المقالة تحديدا كنت أتناول ما حدث بعد افتتاح مدينة الملك عبدالله الرياضية حيث قلت "احتفت دول الجوار بمدينة الملك عبدالله الرياضية وتحديدا بملعب الجوهرة المشعة، وتفرغ السعوديون للسخرية والتنكيت على بعض الملاحظات التي رافقت حفل الافتتاح، بل إن البعض أصبح يبحث عن العيوب والنواقص، وإن لم يجد اختلق العيوب".

نفسه صاحبي علق على موضوع آخر دار حوله نقاش في (تويتر) ولم يرق له فقال "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا.." فليته بهذه الموضوعية وبهذا التوجه ينظر لكل الأمور دون انتقائية ودون تحيز.

لي أكثر من عامين وأنا أمارس النقد من خلال هذه المساحة، وأجزم بأن النقد الموضوعي مهم ومؤثر وفاعل، ولكن ما قصدته في مقالتي السابقة، وما زلت متمسكا به، أن من يسخرون من وطنهم ومنجزات وطنهم هم من حيث يشعرون أو لا يشعرون جزء من حالة النقد التي يمارسونها لأنهم سلبيون وغير منتجين ولم يتمكنوا من إضافة أي جديد ونافع لوطنهم فهم على الهامش يعيشون وعلى السخرية والتهكم بالمنجزات (يطنطنون).

شتان بين من يعمل ويكافح ويجد وفي ذات الوقت ينتقد طمعا في إصلاح وتطوير وتقدم وبين نائم وجاهل وفاشل مشغول بنقد كل جميل ومحاربة كل نور لأنه قبيح ويدرك أن أي نور يكشف قبحه ذاك!