في بداية هذا العام، أوصى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ حفظه الله ـ وزير خارجيته سمو الأمير سعود الفيصل، بتوجيه السفراء السعوديين خارج المملكة لرعاية المواطنين السعوديين المقيمين في الدول التي فيها سفارات، للمملكة، وأكد خادم الحرمين الشريفين على السفراء بضرورة فتح أبوابهم للمواطنين ومساعدتهم والاستماع إلى شكاواهم وحمايتهم وحماية حقوقهم. وهو توجيه من أكبر سلطة في البلاد ملك المملكة إلى من يمثلونه خارج المملكة، وتوصية من الأب على أبنائه من أفراد الشعب، وقد سبقتها توصية للوزراء والمسؤولين بفتح أبوابهم وتقديم الخدمة للمواطنين والحرص على تلبية احتياجاتهم.

وللحقيقة، نشعر بكل الفخر بدور وزارة الخارجية، وخبرة وزيرها ونفخر بدبلوماسييها ومعظم سفرائها من رجال الوطن المخلصين، وهم صورة مشرفة لمليكهم ووطنهم خارج المملكة.

ويسجل تاريخ الدبلوماسية السعودية أسماء بعض السفراء بكلمات من ذهب، وبعضهم من أوائل مؤسسي الدبلوماسية السعودية، ولن ينسى السجل الدبلوماسي أسماء بعض رموز الدبلوماسية السعودية، منهم من توفاه الله، وما زالت سيرته العطرة على ألسنة الناس، ومنهم من كتبت أسماؤهم في سجلات السفراء المتميزين في العالم حتى أطلق على بعضهم اسم "مدرسة"، ويفخر بعض السفراء الحاليين المتميزين أنهم من خريجي هذه المدارس.

أين تلك المدارس؟ رحم الله أصحابها، وأثاب الأحياء منهم وأطال في عمرهم، ورغم ذلك إلا أن هناك بعض السفراء ـ وهم قلة ـ يستخدمون الثقة بهم للعبث بمسؤولياتهم، فتكبروا على زملائهم من الموظفين السعوديين في سفاراتهم، وتعاملوا معهم بلغة الكبرياء والغطرسة والتعالي، مستخدمين بعض الكلمات غير الدبلوماسية، وغير اللائقة في العرف الدبلوماسي، وتغافلوا عن حقوقهم، ووضعوا الحواجز بينهم وبين المواطنين المقيمين خارج المملكة، وابتعدوا عن هموم ومشاكل المقيمين السعوديين خارج وطنهم، ووجهوا خدماتهم للمسؤولين الكبار والأغنياء ورجال الأعمال.

ويركز بعضهم على الإعلام لإبراز صورته و"بروزتها" وتلميعها لتصل إلى المسؤولين في أبهى حلتها. ويحرص بعض هؤلاء السفراء على إرضاء كل مسؤول كبير يصل إلى الدولة التي هو سفير فيها.

أما الوجه الآخر لهذه النوعية من السفراء، فهو صورة رجال أعمال يحملون درجة سفير، فأصبحوا من كبار المستثمرين، فتاجروا بالأراضي والعقارات والشقق والفلل الفاخرة على البحار والأنهار، وتنافسوا مع رجال الأعمال في الأراضي الزراعية بأسمائهم أو أسماء زوجاتهم أو أقربائهم، مستغلين منصبهم الدبلوماسي، وعلاقاتهم الرسمية وغير الرسمية.

هي بعض المعلومات، أخذت من مصادر، لكنها تحتاج إلى إثبات من "هيئة نزاهة" التي أتمنى أن يمتد نشاطها إلى خارج الوطن لإثبات هذه الظواهر.

إن بعض نماذج السفراء والدبلوماسيين من هذه النوعية ـ وهم قلة قليلة والحمد لله ـ إلا أنهم يسيئون إلى وطنهم وإلى الدبلوماسية السعودية، وهم يحتاجون إلى تقويم، أو إعادتهم إلى وطنهم لتقويم سلوكهم، حيث يعتقد بعضهم بأنه فوق الأنظمة، وعليه فإن من يعتقد من السفراء السعوديين خارج المملكة بأنه فوق النظام أو الأنظمة السعودية أو وزارة الخارجية يكون مخطئاً.

ومن يعتقد أنه بعيد عن الأنظمة الرقابية والأجهزة الرقابية يكون مخطئاً.

ومن يعتقد من بعض السفراء أنه قادر على تكميم أفواه موظفيه خوفاً من بطشته وإرجاعهم إلى المملكة أو نقلهم إلى دول أخرى فقيرة، فليتذكر أن هناك من هو أعلى منه قادر على إقالته وإرجاعه إلى وطنه. وهناك رب للعباد فوق كل "مفتر". وعلى كل مواطن مخلص أن ينقل كلمة الحق ويرفع الظلم عن إخوانه، وأبواب أكبر المسؤولين في الوطن مفتوحة. وإن أي رسالة لا ترمى في سلة المهملات.