أثارت مشاهد تمزيق طلبة في إحدى مدارس منطقة الرياض لكتبهم المدرسية، بعد أن أتموا امتحاناتهم الفصلية استياء الكثيرين في مواقع التواصل الاجتماعي، وتنوعت التحليلات والتبريرات والانتقادات للأسباب الحقيقية التي تقف خلف هذا التصرف الطفولي، الذي ينم ـ كما يقول البعض ـ عن خلل كبير في التوجيه الصحيح للأجيال الصاعدة في كل من المدرسة والمنزل، واعتبار ما حدث مؤشرا واضحا عن الأزمة التي يعيشها الجيل الجديد تجاه كل ما يمكن اعتباره مأسسة لنظام.

وسارعت الجهات التعليمية في المنطقة بالتصريح في محاولة للتهرب من المسؤولية، كما هو معهود، فقال بيان صادر بهذا الخصوص، إن الإدارة ترفض رفضا تاما ومستاءة من هذه الممارسة السلبية التي أظهرها المقطع اليوتيوبي، وأضاف: "إن وزارة التربية لم تدخر جهدا في سبيل توعية الطلاب وتثقيفهم عبر العديد من البرامج التوعوية التي تغرس لدى الطلاب قيم المجتمع وآدابه المستمدة من تعاليم الدين الإسلامي وتوعيتهم المستمرة بالحفاظ على الكتاب المدرسي".

إلا أنه ومع الفشل في تحقيق الهدف على الرغم من هذا العمل الذي قامت به الوزارة، فإنها تعود إلى محاولة معالجة الموضوع من خلال آليات أثبتت عدم جدواها كما يرى الكثيرون، وذلك من خلال تشكيل لجنة من الإرشاد الطلابي والإشراف التربوي والاختبارات؛ لدراسة هذه الحالة، التي كما تقول الوزارة "لا تشكل ظاهرة ولله الحمد"، والأسباب التي أدت إلى ممارستها من طلاب المدرسة ووضع البرامج التربوية والتوعوية المناسبة لمعالجة هذا السلوك.

وأود أن يلاحظ معي القارئ الكريم عبارة "وضع البرامج التربوية والتوعوية المناسبة لمعالجة هذا السلوك"، فالكل يعلم أن هذه الظاهرة ليست جديد، إذ أذكر جيدا وأنا في المدرسة ـ قبل25 سنة ـ أننا كنا إما نشارك أو نشاهد زملاء لنا يفعلون ذلك، دون أن تكون هناك وسائل تواصل اجتماعي توبخنا أو أنظمة مدارس تعاقبنا، فكيف لنا اليوم الاقتناع بأن حل المشكلة سيكون من خلال مخرجات لجنة، وقد عجزت الوزارة لعقود من إفهام النشء أن ذلك عمل غير حضاري!

لا أملك الحلول، ولن أتكلم عن الهدر المالي الناتج عن هذا التصرف الطفولي، ولكني ما أعلمه جيدا هو أن الحل لن يكون من خلال تصاريح ولجان، بل ربما من خلال تحويل المدرسة من "مؤسسة بعبع" إلى "تجمع لتنمية الأفكار"، فجزء من مشكلة تعليمنا يكمن في أنه يتعامل مع الطالب باعتباره موظفا لا باعتباره مشروع عقل منتج وفرد له رغبات شخصية وتكوينات نفسية مختلفة.