ألم يحدث أن أخبرك أحدهم أن عينيك جميلتان؟ لترد عليه "حقاً"، ثم تسرع نحو المرآة لتتأكد أو تقتنع، رغم أنهما عيناك اللتان تقابلهما في المرآة كل صباح؟! هذا يحدث مع أسرنا وبلداننا وغالباً مع ديننا!
في الواقع، القناة التلفزيونية البريطانية لديها برنامج اسمه "اجعلني مسلماً"، فإذا علمنا أن هناك خمسة آلاف شخص يدخلون في الإسلام سنوياً في بريطانيا أغلبهم من البيض؛ ممّا جعل الإسلام الدين الثاني فيها، سيصبح وجود مثل هذا البرنامج التلفزيوني مقبولاً ومنطقياً في وسيلة إعلامية تلبي رغبات الجمهور وتحترم اهتماماته.
إحدى أهم حلقاته والتي حصلت على مشاهدة عظيمة، هي حلقة تم الاتفاق فيها على إحضار عارضة أزياء بريطانية من أصول باكستانية، ولدت في بريطانيا وتربت على الحرية، ولم تدخل مسجداً منذ كانت طفلة، طلب من "شانا بخاري" أن تلتقي بمسلمات بريطانيات جديدات وتكتشف عالمهن وتحاورهن.
في البدء تحدثت "شانا" عن دهشتها من هذا العدد الهائل من الشابات البريطانيات المهتمات بالإسلام، وتساءلت: كيف تترك فتاة الحياة الغربية وتصبح مسلمة تلبس الحجاب ولا تسهر أو تشرب أو ترقص؟!
توالت لقاءات "شانا" بالبريطانيات المسلمات، وفي كل لقاء كان يقال لها الإسلام جميل فتنكفئ على نفسها وتتحدث بهمس/ والكاميرا تتابعها عن تلك المشاعر التي تئن في داخلها؛ كيف لم تره على حقيقته من قبل؟ كيف تأثرت هي بكل هذه الفتن حولها، بينما هؤلاء الجميلات تركن كل شيء وهرعن بين يدي دين كل من حولهن يرفضه؟!
كان الموضوع الأكبر للنقاش الحجاب والتعدد، وبدت أقدمهن إسلاماً، وهي فتاة في الثالثة والعشرين أشدهن على "شانا"، فلم ترحمها مطلقاً وكانت صريحة جداً في نقاشها معها حول الحجاب.
على كل حال، في نهاية الحلقة تبكي "شانا"، وكأنها تكتشف أنها عارية فجأة، وتقرر الاحتشام لتبدو مسلمة على الأقل؛ فتتصل بالفتاة التي لم تكن لطيفة بدرجة لطف الأخريات، وتسألها إذا كان من الممكن أن تذهب معها للدرس الأسبوعي.
الحلقة مميزة جداً، وأعترف لكم أني مثل "شانا" ـ بطريقة ما ـ يذهلني حديث أولئك القادمين إلى ديننا عنه، خاصة الذين تجاوزت أعمارهم الأربعين وعاشوا التجربتين بلا إسلام وبإسلام، فأختلي بنفسي لأقول: إنه جميل لهذه الدرجة التي يهز بها من درسوا المنطق والعلوم وخبروا الفتن، وكل ما يتم فعله لتشويهه هي مجرد محاولات مضحكة لإطفائه وهو لا ينطفئ خاصة في قلوبنا.
قد تكون "شانا" عاشت كمسلمة في مجتمع حر ومغرٍ لتعشق كل ما يحرمه دينها، لكن بعض الناس وبعض المجتمعات المنغلقة التي يتحكم فيها تجار الدين وتسويق الزيف عبر جلد الناس حتى يكونوا ملائكة، تتجه بك لطريق "شانا" نفسها؛ فتبتعد عن دينك وإسلامك وقرآنك لمجرد أنهم يتصدرون مشهده ويحجبون جماله عن عينيك، فإذا التقيت بمن رآه كما هو، استيقظت وعدت تنظر إليه من جديد كأنك تتعرف عليه.
عن هؤلاء دعوني أقول: إن الخطأ الأكبر الذي وقعوا فيه هو خلطهم بين الإسلام والرجال الذين يدعون أنهم من أهل الذكر؛ فعظموهم حتى صارت أخطاؤهم نواقص في الإسلام نفسه، للأسف الشديد!
مع أن أهل الذكر الحقيقيين، هم من يدعوك الإسلام لسؤالهم والتعلم منهم عندما لا تعلم فقط، وظل علماء أصول الفقه ينددون بالمقلدين حتى ظننا أنهم سيكفرونهم، ودعوا المسلم للاقتناع، بل أرجع صلى الله عليه وسلم إثم بعض الأمور إلى إحساسك وضميرك فقط حتى لا يكون بين المسلم وربه كهنوت.