لا شك أن بعض الآراء التي دارت في فضاء مواقع التواصل الاجتماعي عقب الإعلان عن الدعم العسكري الذي قدمته السعودية عبر فرنسا للجيش اللبناني تعاطت مع الخبر بسطحية مقيتة؛ إذ إن الدولة اللبنانية ذات الطبيعة الديموغرافية المختلفة والهشة تمر منذ اغتيال الحريري في عام 2005 بأزمة حقيقية في ظل تصاعد لغة الدم والاغتيالات، التي تقف وراءها ميليشيات مسلحة "عجز" الجيش اللبناني عن كبح تطلعاتها وأطماعها؛ نظرا لقوة العتاد والعدة اللذين تتمتع بهما تلك الميليشيات.

يحتاج لبنان في الوقت الحالي إلى استقرار سياسي، خاصة بعد استقالة حكومة تصريف الأعمال التي كان يرأسها ميقاتي قبل تسعة أشهر؛ لتفشل كل المساعي الرامية إلى تشكيل حكومة جديدة حتى الآن؛ نتيجة انقسامات سياسية زاد من حدتها اغتيال الوزير السابق محمد شطح المنتمي لحزب المستقبل وقوى 14 آذار المناهضة لحزب الله والنظام السوري.

إن "الحرب" السورية التي ينقسم حولها اللبنانيون، لها الدور الأبرز في التدهور الأمني بلبنان الذي تنقسم فيه الآراء السياسية إلى طيفين بارزين، أحدهما: يرى أن نظام الأسد خط أحمر ويمثله تحالف 8 آذار بينما يذهب الطيف الآخر ـ قوى14 آذارـ إلى أن لبنان يجب ألا يستورد الخلاف السوري على أراضيه متهما بعض أعضاء التحالف الأول بمحاولة الزج بلبنان في الأزمة السورية، ففي الوقت الذي يواجه الحل للأزمة السورية طريقا مسدودا تجد العملية السياسية اللبنانية ذات المصير، فالوضع يدفع أغلب الأطراف إلى التطرف، ليشهد الخطاب الطائفي تصعيدا سيقود البلاد لحرب أهلية إذا ما استمر.

وفي ظل كل هذه التوترات التي تعج بها الساحة اللبنانية وتدفعها نحو الحرب الأهلية، لم يكن من الممكن أن تتوجه الأنظار لغير الجيش اللبناني، فهو الوحيد القادر على إعادة الأوضاع إلى مسارها الطبيعي فيما لو استطاع أن يستعيد هيبته وسط تنامي سلسلة التفجيرات التي تستهدف شخصيات وطنية معتدلة في تعطيل واضح للاستقرار السياسي هناك.

إن فهم الأزمة اللبنانية والبحث عن مخرج لها يجعلنا أمام حلول كثيرة أنجعها يجب ألا يُستثنى منه الجيش الوطني بلبنان، فليس من الممكن البحث عن استقرار ما في بلد تتخطفه ميليشيات طائفية مسلحة ما لم يَبسط الجيش وحده قوته وعدالته، ولذلك فإن الدعم العسكري للجيش الوطني اللبناني يعدّ خطوة ذكية في إرساء الأمن والسلام بلبنان، خصوصا قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في موعد أقصاه مايو2014.