زحام يخنق المدن، الشعب السعودي نام متأخرا واستيقظ متذمرا، العيون متورّمة والأنفس (في الخشوم)، و أطفال السعودية يحملون أوزارهم وأوزارا مع أوزارهم، و الآباء (اطلع يا ولد ووجع يا بنت) والمعلمات والمعلمون بعد الكر والفر مع الأستاذ الحميدي ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وأطنان من الضجر والكمد تتجه للمدارس الصامدة، صحيح مبان ضيقة وقديمة لكن لا أحد يطيق ما تطيق، وربّما هذا هو سر تمسك الوزارة بها وهو نفس السر الذي تصرف فيه الملايين على ترميمها.

وعلى الصفحة الأولى من كل صحيفة تطالعك صورة الطابور المدرسي، فإن رأيته منظما منسجما (فلا تظنن أن الليث يبتسم) فكم من الحرائق التي تندلع وتنطفئ حتى يظهر بهذا المظهر المشرف، اصطف (الكتاكيت) وفي رواية (العفاريت) ولم يقصروا استمعوا للفاتحة ورددوا النشيد الوطني مختوما بـ(طنطاطن) قبل أن يتجهوا للفصول لتلقي المعلومات واكتساب المهارات (ووأد البنات ومنع وهات وإضاعة المال وكثرة السؤال)!

تدحرجت المعلمة من الدرج للصف، وقفت أمام (الصنبورة) وتنحنحت لتفسح الطريق للدرر ثم صدحت: بالأمس وجه خادم الحرمين بأداء صلاة الاستسقاء، (وهذا ربط بالواقع تمارسه المعلمة) هل تعلمن لماذا نصلي صلاة الاستسقاء؟ أنا أقول لكم : كي ينزل المطر وإذا نزل المطر ينبت العشب وإذا نبت العشب تأكله الأغنام وإذا (ربربت) الأغنام نأكلها نحنوووو (صراحة ما باقي إلا تقول هم هم هم، وهذا خنق للواقع تمارسه المعلمة)!

وفي المداولة الإشرافية تقول المشرفة للمعلمة: يا أستاذة تعليلك لصلاة الاستسقاء لم يعجبني!

- وأنتم يا المشرفات متى عجبكم شيء؟!

- أهمية المطر في بلد صحراوي كالسعودية أكبر بكثير من أن نأكل الغنم (المربرب)!

وعلى مكتبه يتصفح المدير سجلات إعداد الدروس، مبتهجا بالأغلفة المنوعة، ليصدمه كل عام أنها من الداخل نسخا عن تحضير تجاري يعده أحد المعلمين ويباع في محلات (أبو ريالين) ومراكز التصوير حتى لا تفاجأ وأنت تصور جواز الخادمة الهاربة أو استمارة السيارة المسروقة بالإعلانات المعلقة: يوجد لدينا تحضير دروس جاهز!

وفي الاجتماع يوجه معلميه لهذه الملاحظة: يا أساتذة ما يصير تحضيركم واحد ووسائلكم موحدة وأسئلتكم موحدة لم أرَ أي مجهود لكم!

فيرد معلم: لأنك لا تريد أن ترى، يكفي أننا نشتريها بكدنا ومجهودنا!