كنت ضمن المدعوين يوم الخميس 15 مايو 2014 إلى افتتاح الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير لمهرجان البادية في بيشة وتدشينه بعض المشروعات السياحية بحضور الأمير سلطان بن سلمان رئيس هيئة السياحة، وبدأ يومنا ببشارات حملها الأمير سلطان بن سلمان على شكل قرارات تم اتخاذ بعضها مسبقاً والبعض الآخر استجابة للمتداخلين معه من الأساتذة والطلاب والمواطنين في محاضرته القيمة التي ألقاها في حرم جامعة بيشة، ومن ضمن تلك القرارات افتتاح مقر السياحة في بيشة وتعيين كوادره واعتماد إنشاء متحف في بيشة قال الأمير سلطان بن سلمان: إنه لن يكون متحفاً تقليدياً يختزن مقتنيات محبوسة في الأدراج فقط، بل سيكون بالإضافة إلى ذلك متحفاً تفاعلياً فيه كبار السن يروون قصصا من الماضي، فيها دروس وعبر ويضم الحرف والمهن التي يشاهدها الزائر أمامه من خلال الذين يقومون بها أمام الزائرين تماماً مثل التي تقام في الجنادرية وشاشات ولوحات تفاعلية تنقل الشباب وصغار السن إلى معرفة حقيقية لكيفية بناء الوطن وتطوره، الأمر الذي يستعصي عليهم الآن لأنهم فتحوا عيونهم على كل تلك الإنجازات ولا يعرفون كيف أتت، ولا التضحيات للآباء والأجداد الذين ضحوا بأنفسهم وأموالهم في بناء الوطن..

كان الأمير سلطان بن سلمان مستعدا بدرجة عالية عن الحديث عن بيشة وتاريخها ودورها ودور رجالها في قيام الدولة السعودية وما تضمه أراضيها من رجال، وآثار وبدأ بالرجال قبل الآثار في لفتة ذكية لأهمية الإنسان في بلادنا، ولم أستغرب ذلك من الأمير سلطان بن سلمان فهو ابن وجليس الأمير سلمان بن عبدالعزيز، الذي يعرف رجال وأماكن وتاريخ هذه البلاد ومدنها وقراها وجبالها وأوديتها وقبائلها والأدوار التي أدوها، يعرف ذلك بشكل مذهل، بل سمعت أنه يرد على بعض المؤرخين ويصحح معلوماتهم.. كانت محاضرة الأمير سلطان مفيدة لنا حتى نحن أبناء المنطقة، وعندما انتهى الأمير سلطان من محاضرته قال كل ما أقررناه اليوم ستصدر به قرارات خلال أسبوع، ولا أعرف مهنيةً وإنجازاً يتعدى هذا، ولهذا لم تكن زيارة الأمير سلطان بن سلمان بروتوكولية، ولم يرد لها الأمير أن تكون كذلك، بل زيارة فاعلة في نوعية الزيارات والفعاليات، وأهم من ذلك القرارات التي اتخذها على مسرح تلك الزيارة.. بارك الله جهده ووفقه فقد كان عطاؤه في هذه الزيارة كريما لبيشة، وسيكون مردود هذه القرارات مؤثراً ثقافياً واقتصادياً واجتماعياً، ثقافياً واجتماعياً معروف أما اقتصادي فقد قال الأمير إن الأماكن السياحية التي اعتمدها مثل الصائرة ستضم بعض الأعمال الصغيرة من وجبات سريعة ومقاهٍ ومحلات لبيع منتجات تراثية سيعمل مع وزارة البلديات لقيامها خدمة للزوار ونفعاً للمواطن.

كما وعد بتذليل أي صعوبات تنشأ في طريق تنمية المشروعات السياحية في المنطقة وضرب مثلاً في سعيه في تمويل مرفق سياحي مهم هو فندق الخبتي جراند بملبغ 43 مليون ريال.. حتى وصل التمويل وتم تدشين الفندق في هذه الزيارة من قبل أمير منطقة عسير وبحضور الأمير سلطان بن سلمان، وفي مساء يوم الزيارة افتتح الأمير فيصل بن خالد بعد لقائه المواطنين مسجد مبنى المحافظة ثم فعاليات المهرجان التي تشمل كافة الجوانب الدعوية والاجتماعية والرياضية والتاريخية والتراثية، فيما شهد فلكلورات فنية وبرامج تدريبية ومشاركة الأسر المنتجة، التي عرضت منتجات تراثية تنطلق من تراث المنطقة وتشهد على حقب زمنية مرت بها المنطقة لتسجل تاريخها بصدق وواقعية، وتضمن برنامج المهرجان عدداً من البرامج التراثية، ولعل القارئ الكريم قد استمتع معنا بمشاهدة فعاليات البرنامج، الذي نقله التلفزيون السعودي وبعض القنوات على الهواء مباشرة.. ولا سيما أن مهرجان البادية هو أبرز محطات بيشة السياحية كل عام بعد أن تم اعتماده مهرجانا سنويا في بيشة. وتضمن البرنامج أركانا مخصصة للفعاليات التي اشتملت على عروض الهجن والخيالة والصقور، إضافة إلى عروض السيارات القديمة وقافلة البادية والحرف اليدوية والأسر المنتجة ومجلس البادية المقام على هامش الفعاليات وتم تقديم القهوة العربية المعدة حسب الطريقة البدوية القديمة الجميلة والمعبرة، وتوج برنامج المهرجان بالحفل الخطابي، الذي تخللته كلمة محافظ بيشة الأستاذ محمد المتحمي، الذي يعدّ دينمو تلك الفعاليات ومساعدوه الذين بذلوا جهوداً كبيرة في كافة الاتجاهات من الإعداد إلى الاستقبال إلى كافة النواحي التنظيمية التي أخرجت المهرجان بذلك المستوى، والانطباع الذي خرجنا به من خلال ما سمعناه ورأيناه من أمير المنطقة فيصل بن خالد، ورئس هيئة السياحة الأمير سلطان بن سلمان، أن بيشة قد شُرفت بأن تنال نصيبها في الوجهة السياحية لبرامج الهيئة العامة للسياحة والآثار من خلال هذا المهرجان "مهرجان البادية"، لأنها تمتلك مقومات سياحية جميلة ومتوازنة.

وقد سمعت المحافظ محمد المتحمي يقول: "نحن على ثقة تامة - إن شاء الله - أن مهرجان البادية في بيشة سيعلن ولادة وجهة سياحية جديدة في ظل الدعم الكبير والاهتمام الدائم من لدن أمير منطقة عسير، الذي جعل التوازن التنموي هدفه في استراتيجية العمل التنموي للمنطقة التي تميزت بميزات نادرة في جغرافيتها ما بين جبل وسهل وصحراء وساحل بحري. كما أننا نلمس ونشهد اهتمام رئيس هيئة السياحة ومعاونيه على أن تأخذ بيشة حقها من الاهتمام في هذا المجال.

وخلاصة القول فإذا كنا في هذه الاحتفالية قد شهدنا مثالاً على الاهتمام بإحدى مناطق بلادنا فذلك دليل على الإصرار على أن القادم لبلادنا هو الأفضل بإذن الله وسوف نرى كل يوم لبنة تبنى هنا وهناك في بلادنا تكشف استمرارية العطاء واستمرارية التطوير واستمرارية البناء.. أقول هذا الكلام من خلال وصف الواقع لا من خلال المديح الممجوج، الذي لا يستند إلى شواهد وأدلة وأمثلة.. حفظ الله بلادنا ووفقها لكل خير.