عادة غريبة سيطرت ولعدة سنوات على عدد من الفنانات المصريات، وهي الحرص على السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية قبيل الولادة، للوضع من أجل الحصول على الجنسية لأولادهن، إذ يمنح القانون أي طفل ولد هناك الجنسية بشكل تلقائي.
هذه الظاهرة فرضت نفسها على الساحة خلال السنوات الخمس الماضية، على اعتبار أن الحصول على الجنسية الأميركية يحقق حلم الانتماء إلى البلد الأقوى والأغني في العالم.
الغريب في الأمر ـ بحسب أساتذة علم الاجتماع الذين تحدثوا إلى"الوطن" ـ أن المشاهير من أهل الفن كانوا يتعاملون مع هذا الأمر في البداية بنوع من السرية والتكتم الشديدين، حتى وإن عرف الخبر، يخرجون بتبريرات أبرزها أن الأمر مجرد صدفة، ولكن الجديد أن الجميع حاليا أصبح يتعامل مع الأمر بعلنية، بل وذهب البعض لأبعد من ذلك، بالتفاخر بالحصول على جنسية الولايات المتحدة.
ولم يقتصر الأمر عند نجمات الفن فقط، وإنما بات الكثير من سيدات المجتمعات الراقية والأرستقراطية في مصر والعالم العربي، يفضلن الذهاب إلى أميركا قبيل الولادة.
ومن أبرز نجمات الفن، الذين حرصن على الحصول على الجنسية الأميركية لأولادهن أو حتى لأحفادهن، كانت الفنانة غادة عبدالرازق، التي أصرت على أن يحصل حفيدها على جنسية الولايات المتحدة، إذ أوصت ابنتها "روتانا" بالسفر إلى واشنطن قبل الولادة حتى تضع هناك، ومن ثم تحصل الحفيدة على الجنسية، وهو ما حدث بالفعل لتضع طفلتها "خديجة".
نفس الأمر قام المطرب خالد سليم، الذي أصر على اصطحاب زوجته للولايات المتحدة، للولادة هناك، وبالفعل وضعت "طفلتها" التي عادت إلى الوطن بالجنسية، وهو نفس الخطة التي اتبعتها الفنانة الأردنية مي سليم، التي حصلت ابنتها "لي لي" على الجنسية بنفس الأسلوب.
أما الفنان تامر حسني، فبعد أن أعلن أن زوجته وضعت في لوس أنجلوس، تعرض لهجمة ضارية من قبل الجمهور، الذي اتهمه بعدم الوطنية، بسبب حرصه على الحصول لطفلته على جنسية بلد آخر، وسارع حسني بنفي ذلك، مبررا أن الأمر كان مجرد صدفة عندما اصطحب زوجته إلى أميركا في زيارة، وتعرضت لآلام المخاض، واضطرت إلى أن تلد هناك.
الفنانة هالة صدقي، أيضا حرصت على أن يحصل طفلاها التوأم على الجنسية الأميركية، وعدّت أن في ذلك تأمينا لمستقبلهما، وأن الأمر لا يقلل من وطنيتها.
وفي المقابل، أعلن عدد من الفنانات رفضهن للذهاب إلى أميركا أو غيرها من البلاد، للولادة هناك، ومن ثم الحصول على الجنسية، ومن أبرزهن الفنانة بشرى، التي عدّت أن هذا الأمر إهانة بالغة لها، مشيرة إلى أن الجنسية المصرية لها ولابنها شرف عظيم.
من جهته قال أستاذ علم الاجتماع بجامعة القاهرة الدكتور إبراهيم الدسوقي، إن "الفنانين سابقا كانوا يتعاملون مع موضوع السفر للولادة في أميركا بسرية تامة، وإن اكتشف أحد الأمر كانوا يزعمون أنها صدفة، ولكن الغريب أن عددا كبيرا منهم بات يفتخر بقدرته على أن يكون في الولايات المتحدة قبل موعد الولادة، لضمان حصول الطفل على جواز السفر الأزرق".
وأضاف إن "الأمر قد يكون من باب الوجاهة الاجتماعية، وحتى يفتخر الابن بين أقرانه وزملائه بأنه أميركي الجنسية، ولكن هذا الأمر يحرمه من مزايا وحقوق كثيرة على أرض مصر، وهو ما يجب أن تفكر فيه الأمهات والآباء قبل الإقدام على تلك الخطوة".
فيما عدّت المتخصصة في شؤون علم الاجتماع الدكتورة نهال إسماعيل، أن "هناك عوامل سياسية أيضا بخلاف العوامل الاجتماعية والاقتصادية مرتبطة بالموضوع، فبعد الاضطربات التي شهدتها مصر، وبعض بلاد العالم العربي مؤخرا، وفي ظل حالة عدم الاستقرار التي سيطرت على البلاد خلال الفترة الماضية، بات حلم الجنسية الأميركية يطارد الكثيرين من النجوم، وهو ما دفع معظمهم للسفر قبل موعد الوضع بقليل إلى أميركا، إذ إن من يولد بها على الفور يتم منحه الجنسية".