سيطرت أخبار اللقاء المفاجئ الذي قيل إنه جمع خلال الأيام الماضية بين زعيم تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر العماد ميشال عون في العاصمة الإيطالية روما، على الأحاديث السياسية في لبنان، رغم التعتيم الإعلامي الذي يفرضه الجانبان على ذلك، ورفضهما تأكيد هذه الأنباء أو تكذيبها. ويشير مراقبون إلى أن عون الذي اختار التحالف مع حزب الله ربما يريد بعد تدخل الأخير في الحرب السورية، تغيير المعادلة، موضحين أنه قام بإرسال إشارات سياسية لتيار المستقبل، لإعادة المياه إلى مجاريها، سواء عبر تصريحات وزير الطاقة والمياه جبران باسيل، أو تسريب أخبار تتحدث عن لقاء جمع الحريري وعون في روما. وهو ما نفاه تيار المستقبل، رغم تأكيده على انفتاح الحريري على مثل هذا اللقاء مع العماد عون عند طرحه.

ويقول النائب في البرلمان اللبناني عن كتلة تيار المستقبل عاطف مجدلاني في تصريح إلى "الوطن": "من الجيد أن نسمع هذه التصريحات الإيجابية من التيار الوطني الحر. لكنها لا تتعدى الكلام دون أخذ خطوات عملية لتطبيق هذا الانفتاح على تيار المستقبل. نريد بدء صفحة جديدة مع التيار الوطني الحر، على أسس وقواعد مشتركة من أجل مصلحة لبنان، والمرهون بالتزام العماد عون بإعلان بعبدا، ومطالبة حزب الله بالخروج من سورية، للحفاظ على سيادة لبنان وتحصين الوضع الداخلي والأمني والسياسي". وأضاف: "التيار الحر جزء أساسي من فريق 8 آذار، لكن يتعين عليه إذا قرر الخروج من هذا الموقع إعلان مواقف سياسية متميزة عن حزب الله. إلا أن عون ما زال حتى هذه اللحظة يؤيد ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة. ويوافق على وجود حزب الله في سورية. ويتجاهل إعلان بعبدا. وفي المقابل اتخذ الحريري مواقف وطنية وجريئة وشجاعة من أجل مصلحة لبنان، بعد تعاليه عن جراحه، فيما لم يرتق الآخرون بما فيهم عون إلى هذا المستوى الوطني".

من ناحية أخرى، أكد النائب البرلماني عن تكتل التغيير والإصلاح الذي يرأسه عون عباس الهاشم، أهمية الوصول إلى تسويات بين الفرقاء في لبنان لتلافي الاصطدام. وعن سبب حدوث تفاهم مع تيار المستقبل في هذه الفترة تحديداً يقول: "يحتاج الحدث إلى الظرف المناسب والرجل المناسب، خصوصاً أن لبنان محاط في هذه الفترة بأخطار كثيرة، تبدأ بالعدو الإسرائيلي، وصولاً إلى تأثير حركة النزوح السوري باتجاه لبنان، مروراً بما يجري داخل سورية، دون أن نفصل انعكاس تمدد الحركات الإرهابية إلى الداخل اللبناني. لذلك يجب تحصين الوحدة الداخلية لمواجهة هذه التقلبات والتداعيات والانهيارات، بمزيد من التفاهم على مستوى الأمن والأمان بين تيار المستقبل والعماد عون". وأضاف: "في وقت سابق أفضت المحادثات بين الجانبين عبر وزير الطاقة والمياه جبران باسيل والوزير السابق محمد شطح، إلى نتائج إيجابية، لكنها توقفت قبيل اغتيال الأخير. لذلك فإن بنود وثيقة التفاهم جاهزة للتوقيع. وأعتقد أن انفتاح الحريري على عون يدل على أنه استفاد من تجربته السياسية، التي باتت أكثر تفهماً لصيغة لبنان التعددية".