يقول الشاعر العربي: "وهم نقلوا عني الذي لم أَفُـهْ به.. وما آفَـةُ الأخبار إلا رُواتُهَا"، هذا في السابق.. ولو عاش لزماننا هذا لكسر عجز البيت وقال: "وما آفة الأخبار إلا مفسروها"!
ـ أحيانا تقف حائرا أمام بعض الأخبار التي تسمعها، كيف تقرؤها؟ كيف تفسرها؟ حرصا منك أن تكون موضوعيا قدر الإمكان.. سأضع أمامكم هذا الخبر الذي استوقفني، لربما استطعتم أن تفسروه لي.
يقول الخبر: "ارتفاع عدد القضايا المنظورة في المحاكم السعودية إلى 36 ألف قضية خلال شهر رجب الماضي"!
ـ أي أن هناك عشرات الآلاف دخلوا المحاكم في بلادنا خلال شهر واحد فقط.. كيف يمكن لك قراءة هذا الخبر؟!
ـ "إنت وضميرك" كما يقال، تستطيع القول، إن هذه قضايا متراكمة منذ سنوات، لكن وزارة العدل أدركت أن تأخير البت في القضايا له أضرار اجتماعية، ولذلك حرصت على البت في هذه القضايا فجاء العدد ضخما بهذا الشكل!
ـ ومن الممكن أن تقرأ الخبر بصورة أخرى، فهذه القضايا دليل على حالة احتقان طارئة عامة بين الناس، فأصبح الناس يلجؤون إلى التشاكي عند أي شاردة، وهو ما يؤكد قصورا واضحا للمؤسسات والوزارات المعنية بتوعية الناس، أو حل مشاكلهم البينية، كلجان إصلاح ذات البين وغيرها!
ـ وقد تقرأ الخبر وتفسره بصورة معاكسة، فالناس باتوا أكثر وعيا وتحضرا، ويعرفون حقوقهم، وأصبحوا يسلكون الطرق والقنوات النظامية للحصول على هذه الحقوق، وهذا دليل وعي المجتمع!
ـ وقد تقرأها بصورة مختلفة، فالناس لم يجدوا من القوانين والأنظمة واللوائح ما يحمي حقوقهم؛ نظرا لضبابيتها أحيانا، أو عدم جديتها ودقتها، فاضطروا إلى اللجوء للتقاضي شرعا، ولو وجدوا قانونا واضحا لما أشغلوا المحاكم!
ـ الخبر أمامكم.. اقرؤوه وفسروه كيفما شئتم.. "أنتم وضمائركم".. الخبر ليس هامشيا حتى نتجاوزه.. نحن نتحدث عن 36 ألف قضية، فقط خلال الشهر الماضي!.