"أسمع جعجعة ولا أرى طحنا".. مثل اقتدى به كثر، خصوصا في الانتخابات الرياضية، فقبل كل عملية انتخاب تطلق الوعود الرنانة من المرشحين، وتقفل الانتخابات، وتأتي عملية الانتخاب الثانية، والوعود السابقة لم تنفذ على أرض الواقع، وإن تحققت فلا يتحقق إلا أقل القليل منها.

"الوطن" تقصت رحلة تلك الوعود، وأهدافها، والأسباب التي جعلت المرشحين لترؤس الأندية في إطلاق وعود لا يفون بها:

العنزي: عيد وعد ولم يوف


قال المدرب الوطني والمحلل نايف العنزي مشكلتنا نحن العرب أننا ننسى بسرعة، بينما في الغرب إن كذبت مرة فلن تجد من يصدقك فيما بعد، وفي إعلامنا من يخرج علينا أكثر من مرة ولا يفي بوعوده وكل مرة نصدقه، ولهذا أتمنى أن نأخذ ثقافة الغرب في هذا الاتجاه بأن من يكذب علينا مرة لا نصدقه فيما بعد حتى وإن صدق.

ومضى يقول "نحن دائماً نسمع بالوعود التي تسبق الانتخابات، وآخرها ما سمعناه في انتخابات رئاسة نادي الاتحاد"، ونحن نعيش هذه الحالة مع رؤساء الأندية ومع أعضاء مجالس الإدارة ورؤساء منتخبين، بل في كل المجالات حتى على مستوى الدولة في الانتخابات البلدية.

ويضيف العنزي قائلاً "أتمنى أن يعيد الإعلام الوعود التي قطعها المرشحون على أنفسهم، ويقيموا ما تحقق منها وما لم يتحقق، عندها سنقطع هذه الظاهرة، كما أتمنى أن تكون هناك جهة رقابية تفرض على المرشح الوفاء بالوعود التي أطلقها".

وتابع العنزي بقوله "على سبيل المثال رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم أحمد عيد كانت أول وعوده في الترشيحات دعم المدرب الوطني، فأين هذا الوعد؟ بل شاهدنا العكس، وشاهدنا مسحا للمدرب الوطني"، ولهذا يتوجب أن تكون هناك جهة تلزم كل صاحب وعود بتنفيذها، ومشكلتنا حتى في الإعلام نجد الميول تتحكم في كثير من الأمور، ونجد من يخرج علينا من الإعلاميين ليدافع عن أصحاب الوعود من خلال ميوله ويضع له المبررات بطرق مكشوفة.

الجعيثن: يجب الإلزام بالتنفيذ


من جانبه قال المدرب الوطني بندر الجعيثن "الوعود إذا أتت من مرشح، فيجب أن ينفذها عند تسلمه المنصب"، واستدرك بقوله "مع العلم أن الكل يبحث عن الشهرة، ويجب على كل منتخب لأي منصب أن توثق وعوده، وليكن ذلك على شكل تأمين مالي، وعند كل تنفيذ وعد يعاد له المبلغ، وتابع "كما أرى أنه من الأنسب أن تكون هناك جهة رقابية تلزم المرشح بتنفيذ هذه الوعود وفق شروط مالية ليتم تثبيت كلامه قبل أن يدخل الترشيحات"، ومضى يقول "ونرى الآن أن أغلب الوعود التي تطلق مجرد كلام فقط.. لا تنفذ، حيث يتسلم الشخص المنصب وتبدأ شهرته بالانتشار، ويتناسى كل ما وعد به قبل الترشح، ولهذا يتوجب أن يكون هناك إلزام للشخص المرشح بتنفيذ ما يعد به قبل الانتخابات".

الخالد: أندية بنظام مؤسساتي


وخطأ المدرب الوطني عبدالعزيز الخالد وضعية الجمعيات العمومية في الأندية، كما خطأ آلية العمل وطريقة التسجيل والتصويت، ومضى يقول "إن الخلل يبدأ من الجمعية العمومية، فهي ليست مركبة بشكل صحيح لإدارة العملية، وبالتالي لا تفرز اختياراً صحيحا"، وتابع "ونحن لا نستطيع أن نحاسب رؤساء الأندية لأنهم يدفعون من جيوبهم الخاصة، ولهذا يظل العمل في الأندية جزءا يتحمله رئيس النادي، في الوقت الذي لو كانت مصادر الدخل واضحة بالأندية لتمكنا من محاسبة صاحب القرار وصاحب قرار الصرف فيها".

وطالب الخالد بضرورة تصحيح وضع الجمعية العمومية وإيجاد هيئة رقابية لنتمكن بعدها من المحاسبة.

ونوه بقوله إذا أردنا بالفعل المحاسبة فعلينا أن ننظم العمل في الأندية بطريقة مؤسساتية، فحينها نستطيع محاسبة الرئيس في الجوانب المالية، بينما عندما نجد رئيس ناد يقدم سلفة للنادي بالملايين فكيف نحاسبه، ولهذا سيظل الخلل مستمرا، طالما لا توجد لوائح واضحة ومنظمة فلن نستطيع أن نضع أي ضبط للعمل في الأندية، وبالنسبة للوعود ستستمر، ولن يتم تنفيذ أغلبها طالما لا يوجد أي نظام يحد منها، وفي كل انتخابات نجد المبالغة في الوعود ولا محاسبة، سيظل غياب العمل المؤسساتي هو المشكلة الأولى والرئيسية، ويتوجب الاعتماد على رئيس بقدرته وكفاءته وبعدها يأتي المال ويتم تسجيله كعضو شرف من خلال ما يدفعه، مع العلم بأن الحمل الأكبر على رؤساء الأندية الذين يدفعون الملايين لأجل تحقيق البطولات.

ذياب: الشفافية ووعي الجمهور


أما الإعلامي الرياضي أحمد صادق ذياب فعلق بقوله: في أي موقع يعتمد فيه على عملية الانتخابات يكون هناك ترغيب للحصول على أكبر عدد من الأصوات ولو على حساب تقديم وعود هلامية، الناخب نفسه يعرف أن من الصعوبة تحقيقها، والرياضة منطقة مسلطة عليها الأضواء بشكل أكبر من أي جهة أخرى في مجتمعنا، وبالتالي نحن أمام خيارات كثيرة جداً نتكلم فيها بحرية أكبر، والرياضة تختلف لأنها أولاً المتقدم لهذه الانتخابات يصرف من جيبه وماله الخاص، وبالتالي يشعر أن من حقه أن يتحدث بأي شيء طالما أنه سيبذل من جيبه، وهو ليس موظفا عاما ولو موظفا خاصا، بل يعتبر نفسه إلى حد كبير أنه صاحب ملك، ولهذا هو يحاول أن يضع صورته أمام الناخبين على أنه الأب الأكبر الذي يصرف من ماله ويحل المشاكل، ويربي جيلا في هذه المنشأة، وهو القادر على الاستغناء عن غيره.

ويضيف ذياب قائلاً "نحن طبيعتنا كبشر عندما نجد من يستمع إلينا نتمادى، وأعتقد أن المسألة ليست فقط وعودا وليست رغبة في الوصول إلى الكرسي، بل هي رغبة أساسية مؤكدة للضغط للوصول إلى أهداف في الرياضة تعني إلى حد كبير الامتداد في الشهرة، والوصول عرضيا إلى الأهداف وبأقصر الطرق، ولهذا يتمادى المرشح في الوعود، ولكي نخفف هذا الأمر نحن لا نحتاج إلى مراقبة ولا عقوبة ولا غيرها، بل نحتاج إلى شفافية في الأمور الداخلية في الأندية، حتى عندما يصوت الجمهور أو أعضاء الجمعية العمومية لمرشح معين هم يعرفون أن لديهم مشاكل محددة، وهل هذا المرشح قادر على حلها بغض النظر عن وعوده أو غير قادر، ولهذا نحن نحتاج إلى شفافية في الأندية وإلى وعي من الجمهور".

واختتم ذياب حديثه بقوله: ليس هناك أي أحد يستطيع أن يحدد هل هذا المرشح قادر على حل المشاكل بالنادي أم لا، فهناك جزئية يجب معرفتها عندما تكون المشكلة واضحة تماماً بأنه لا أحد يستطيع القول بأنه سيحل مشاكل الأندية، لأن الناخب سيسأله كيف ستحلها، ولكن إذا كانت على النادي ديون فما هي وكيفية سدادها وهل هي ديون مؤجلة أم مستحقة أم ممتدة إلى سنوات وما إلى ذلك، فعندما تكون كل هذه الأمور واضحة أمام الناخب فباستطاعته معرفة أن دخل هذا المرشح بهذا الحجم وهل قادر على حلها، ولكن إذا تركت الأمور غامضة فليس هذا سليما إذا غابت الشفافية، لأنه لا أحد يستطيع أن يلزم هذا المرشح بسداد هذه الديون، وبغض النظر عن وعوده هل لديه القدرات المادية والإدارية التي تسمح له بتجاوز كل هذا أم لا، ولهذا مشكلتنا الرئيسية أننا لا نستطيع أن نشاهد ميزانية أي ناد ونستطيع أن نفهم منها شيئا، بل ميزانيات الأندية بشكل عام هلامية لا تستطيع أن تفهم منها شيئا، لهذا يجب أن تتوفر الشفافية في الأندية كما أشرت، وفي المقابل يجب أن يتوفر الوعي من الجمهور وبأمانة.