تتميز قصائد مجموعة "حوار الحكايات" للشاعر الأردني إبراهيم السعافين بالنفس الطويل، والموسقة البارزة، والقدرة على تحويل مواضيع مختلفة إلى مادة شعرية تتخذ لها موقعا في النفس.
إلا أن معظم قصائده أو كثيرا منها يمكن أن يقال عنها إنها وصفية تركز على الخارج، وقليل مما ورد بها نتاج وجداني يغوص في النفس. إنه يحمل النفس إلى العالم الخارجي ويصفه بقدر كبير من الصور المجازية، والموسيقى والإيحاء. اشتملت المجموعة على 20 قصيدة وجاءت في 142 صفحة متوسطة القطع وصدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت. ولإبراهيم السعافين أستاذ النقد الحديث في الجامعة الأردنية عدد من الكتب بين مسرح وشعر ورواية ودراسات نقدية، فاز بجائزة الملك فيصل العالمية عام 2011 وقبلها بجائزة الدولة التقديرية في الأداب في الأردن.
استهل الشاعر مجموعته بقصيدة طويلة في عشر صفحات امتزجت فيها الأزمنة العراقية الخوالي بآلام الحاضر وأفاد فيها الشاعر من الانعطاف نحو التاريخ والربط بينه وبين الحاضر الدامي. وقد حملت القصيدة عنوانا (تحلم أكّد..تسأل سومر). ويذهب الشاعر في رحلات تاريخية بعيدة ثم يعود إلى الحاضر في ربط شبه خفي بين الأزمنة لكن قصيدته لا تغرق تحت ثقل المادة التي يعرضها فهو يحولها إلى مادة شعرية مموسقة ويقدم لنا قصائد بينها ما يتسم بالطول.
وابتدأت القصيدة على الشكل التالي وبسمة قصصية وسمات ملحمية أحيانا:
"وتحلم سومر بالأفق المختبئ في الظلال/ وتومئ أكّد:/ ماذا
جرى خلف تلك المحيطات/ عبر الجبال؟!/ وماذا جرى في رؤوس المقيمين في حجرات البوارج/ في ردهات الفنادق/ في قلوب الذين مضوا للنهايات/
وسط الكهوف/ كأن الزمان بلا شارة للزمان/ ولا للمكان.
"وتسأل سومر وهي تقلب أوراقها/ في العصور العتيقة:/ ما سئم
الفاتحون لباس المغامر في البر والبحر/ حتى أطلوا علينا جرادا
ثقيلا/ يسد عيون الفضاء؟/ لتهمي القذائف/ ولا مطر العشب يهمي على الناس/ عطشى/ ولكنها النار تحرق وجه السماء."
وفي عنوان مستعار من شكسبير هو (حلم ليلة صيف) يقول الشاعر: "أرى في المنام انثيال الهبات/ وترنيمة الخصب في شجر الشوق/ تسبح فوق الغيوم الرقيقة/ تنادي على الراحلين إلى لغة المتعبين/ ألم يأن للروح أن تتقطر عشقا جميلا/ على اللأرصفة.
"أرى في الغمام جدائل شاردة/ والخيول على أفق الريح جذلى/
ترقص. تصهل. لا تنحني للعواصف/ خصلاتهـا تـتـبعـثر عند لقاء المجرات/ في رحلـة العشـق لا تتخلـف إلا إذا/ عانقتها النوارس تلمع من زبد البحر/ جذلى من الـولـه المستكن/ وللصدر فاتحتان:/ هنا مرمر وهنا وردة من رخام".