"احترم نفسك أكثر من أن تحترم مدربك"، عبارة بليغة وجهها المدرب مانشيني لمواطنه اللاعب بالوتيللي، بعد أن يئس من تصرفاته.
ياترى كم نسبة من يحتاجون لمثل هذه الرسالة (المشعة) وخصوصا ممن يتبارون في ملاحقة الآخرين بالشتائم والاتهامات عبر وسائل الإعلام، ولا سيما (تويتر).
وفي صلب الرسالة، كم من نجم موهوب ودوره فعال ومؤثر جدا في حسم مباريات أو بطولة، ولكنه لا يعي قيمة موهبته فيقضي على نفسه قبل أن يكون سببا في عدم فوز فريقه أو منتخب بلاده، وليس أمام المدرب أو المسؤول بد من معاقبته.
وليس أهم ولا أقوى من (المونديال) الذي يكون مبتغى كل محب لكرة القدم وغاية كل لاعب أو مدرب للنجاح.
وبما أننا في مستهل كأس العالم الـ20 بالبرازيل، يحلو الحديث عن كل ما له علاقة بكرة القدم في تبيان صورة هذا النجم أو ذاك بما يعود بالنفع على أي متابع.
ومن أهم النجوم الإيطالي بالوتيللي الذي له مواقف عديدة ونجح فجر أمس في خطف هدف الفوز لإيطاليا ضد إنجلترا، ولن أنسى آخر مباراة في الدوري الإنجليزي قبل عامين حينما كانت المنافسة بين (المانشسترين) حتى آخر ثانية من الجولة الأخيرة، وفي آخر أربع أو خمس مباريات لحسم الدوري، زادت المشاكل بين بالوتيللي ومدربه مانشيني، ولم يعد يشركه أساسيا، ورغم أن الفوز في المباراة الأخيرة يمنح مانشستر سيتي اللقب، إلا أن المدرب الإيطالي مانشيني أبقى النجم الحاسم (بالوتيللي) احتياطيا في سياق (تأديبه)، وفي آخر ربع ساعة، أذكر جيدا أنني كتبت في (تويتر)، "على مانشيني أن يتخلى عن عناده – حماقته - ويزج بالهداف القاتل بالوتيللي فقد يجلب الفرح للجميع". وواكب ذلك ردود فعل أغلبها ساخرة، وحينها كان مان سيتي متأخرا، ومع تبقي عشر أو ثمان دقائق دخل بالوتيللي الذي أتى بما ليس في الخيال والحسبان وسجل هدفا وصنع آخر في آخر دقيقة وبات مانشستر سيتي بطلا وقتل أحلام وأفراح مانشستر يونايتد في الملعب الثاني تزامنا، حيث كان أنصار مان يونايتد يحتفلون ويترقبون دقيقة واحدة، لكن الصمت خيم على الملعب وانطفأت الأنوار مع الهدف القاتل لمان سيتي آخر نصف دقيقة.
والأكيد مليون في المائة أن (بالوتيللي) المبدع كثيرا بأهداف خرافية، سقط أكثر في (شطحاته) التي (تغتال) فنه الكروي الخلاب بما في ذلك أسلوب فرحته التي تفسر (غرورا)، إلا نادرا جدا.
ولم تفد فيه النصائح بعضها قاس جدا، وبعضها تفوق فكره، ومستوى وعيه.
وفي هذا الصدد قال مدرب ميلان السابق (أليجري): "على بالوتيللي أن يتعلم متى يقفل فمه"، في رد فعل على تلقيه إنذارا ثانيا إثر انتهاء المباراة بالخسارة من نابولي (1/2) مما أدى إلى إيقافه لثلاث مباريات.
وفي رد أقسى وأبلغ، نصح مدرب سيتي السابق الإيطالي روبرتو مانشيني مواطنه بالوتيللي بأن يحترم نفسه أكثر من أن يحترم مدربه، بعد تفاقم مشاكله وتصرفاته المسيئة، لذا ورغم حسمه اللقب بنجاح مبهر عاد بالوتيللي إلى إيطاليا خاسرا أقوى دوري في العالم.
واللاعب أو الفرد أيا كان متى احترم نفسه انضباطيا وسلوكيا وتقيد بالأنظمة والتوجيهات وتعلم من أخطائه سيجد الاحترام من الآخرين، والمبدع أو الموهوب يظلم نفسه ويضر المجتمع إذا لم يحترم ما حباه الله به من مزايا.
التوعية في مثل هذه الأمور والحالات والمناسبات عمل ضروري يوسع نطاق النجاح الذي يعود بالنفع الكبير على الوطن، فهل يكون لنا حضور فاعل وقوي من لدن متخصصين أم نبقى رهن المزاجية والمحسوبيات والاتكالية؟!