كل إنسان على وجه الأرض، لا بد له وأن مرّ بلحظة من لحظات الانتظار، ولا يختلف معي أحد بأن جميع لحظات الانتظار صعبة ومريرة وطويلة مهما قلّ أو قَصُر وقتها أو زاد وطال، وتحتاج إلى صبر وقوة تحمّل، مهما كانت نوعية تلك اللحظة التي نعيشها، سواء كانت لحظات انتظار خبر مفرح وشيء يسر ويبهج، أو في انتظار خبر سيئ مؤلم ومزعج، كانتظار قدوم المولود، أو وصول شخص عزيز، أو نتائج التحليل والكشف على مريض قريب وعزيز، أو إعلان نتائج كافة أنواع الامتحانات والمسابقات، أو الحصول على مكافآت وإجازات، أو انتظار أعداد وأسماء القتلى والجرحى جرّاء الحروب والانفجارات، فهي جميعاً تظل لحظات عسيرة وقاسية وطويلة وصعبة على من يمر بها ويعيشها، بالرّغم من أن جزءا منها قد يكون في انتظار خبر سعيد ومفرح، ولكن اللحظة الحاسمة والنقطة الفاصلة، والتي من بعدها يتحدد مصير تلك الحظات من ناحية نسيانها أو تذكرها وثباتها في ذاكرة من عاشها ومر بها، هي تلك اللحظة التي يتم فيها بيان الحقيقة، وإعلان النتيجة، وسماع ورؤية الخبر، ففي تلك اللحظة تنتهي المرحلة الأولى القاسية والصعبة من مراحل الانتظار، وتبدأ مرحلة جديدة من مراحل الانتظار، قد تكون أقل قساوة وصعوبة من سابقتها، وتنقسم في هذه الفترة إلى نوعين: النوع الأول: الانتظار بنشوة الانتصار، وفي هذه المرحلة يكون الانتظار قصيراً ولو طالت مدته وزادت، وتكون البسمة والبهجة والسرور والفرحة من أبرز ملامحه، وذلك لحصول الشيء المراد والمأمول.

أمّا النوع الثاني: فهي مرحلة الانتظار بطعم المرارة والألم وذل الانكسار، وفي هذه المرحلة يكون الانتظار طويلا جدّاً ولو قصرت مدته وقلت فترته، ومن أبرز ملامح هذه المرحلة، الهم و الحزن والأسى والحسرة والألم والبكاء، وذلك لعدم الحصول على المرجو والمأمول، وضياع الفرصة المنتظرة، ولكن الإنسان المسلم المؤمن، يستطيع التغلب على هذه المرحلة القاسية المؤلمة، وذلك بالصبر والإيمان والتوكل على الله، والرضا بما قسم له، وأن يضع في حسبانه الحديث الشريف، بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن يلتزم بالتوجيهات الربانية في قوله تعالى (قُل لّن يُصيبَنا إلاّ ما كَتَبَ اللهُ لنا هو مولانا وعلى الله فليَتَوَكّل المُؤمِنون)، وأن يُحسن الظن بربه وخالقه، وسوف يتعدى ويتغلب على تلك المرحلة الصعبة والقاسية بالأمل والتفاؤل الذي استمده من التوكل ومن القرب من الله.