قبل عام، كتبت هنا إن "حملة تصحيح أوضاع العمالة الوافدة" تضع الجميع على المحك، وخصوصاً الجهات المرتبطة بتنفيذ الإجراء، قلت :"إما أن تكون بداية جادة لحملة تفرض احترام النظام على الجميع، وتؤكد أن بلدنا بلد قانون ولا مكان فيه للفوضى، ولا وجود فيه لمن هو فوق القانون؛ وإما أن تكون ترسيخا لكل الصور السلبية المحبطة".

بعد عام من الحديث عن تلك الحملة؛ أستطيع أن أجزم بأنها رسخت الصور السلبية عن غياب تطبيق النظام، بل ومنحت المخالفين جرأة الاستمرار في المخالفة.

هل فشلت الحملة؟ الإجابة يحسمها مشهد أفواج العمالة التي تجوب شوارعنا حالياً، بعد أن اختفت تماماً مع الأيام الأولى لانطلاقة الحملة.. وعلى الرغم من ذلك أستطيع أن أقول إنها لم تفشل، ولم تنجح أيضاً!.

حملة التصحيح بدأت بشكل جيد، وأسهمت في تصحيح أوضاع الكثير من العمالة الوافدة، وأجبرت القطاع الخاص على احترام النظام.. إلا أنها خفتت فجأة دون إكمال مهمتها!

الحقيقة، أن وزارة العمل قامت بجهد كبير ومتقن، وما زالت، إلا أنها كمن "ينفخ في قربة مقطوعة"، فهي لا تملك أي صلاحية لحسم أمر أفواج المخالفين الذين تقوم بضبطهم؛ بل تحيلهم إلى إدارات الوافدين التي تمتلك صلاحية التحقيق وإصدار قرارات الترحيل!.. وهنا يبرز السؤال: "لماذا لا تمنح وزارة العمل صلاحية الترحيل طالما أنها هي المخولة بضبط المخالفة؟".

الجزء الآخر من القضية يكمن في وزارة العمل ذاتها، فمفتشو وزارة العمل يضطرون أيضاً إلى التخلي عن الجزء الحاسم في مهمتهم، إذ تتم إحالة المخالفات بعد ضبطها إلى الهيئة الابتدائية لتسوية خلافات العمالة، لتبدأ الأخيرة رحلة أخرى من التحقيق وإقرار العقوبة!. على الرغم من أن المخالفة واضحة، ولا توجد فيها "خلافات".

لا أجد أي تفسير منطقي لهذه الإجراءات الطويلة التي تضيع الوقت والجهد.. وربما تفتح المجال لـ"الواسطة" التي يشتهر بها مجتمعنا، ليفلت المخالف من العقوبة، وينتهي جهد الجميع إلى "لا شيء"!