هكذا نحب وطننا وهكذا نريده، الحبّ الذي يختصر آلاف الكيلومترات و يجعل بحر جدة يتمدّد على شاطئ الخبر ونوارس الخبر تتراقص على شاطئ جدة، هذا ما نتصوره في الفارق الزمني الذي لا يكاد يذكر بين الخبرين اللذين نقلتهما صحيفتنا "الوطن" في متابعاتها اللحظية، فما إن نقلت تغطيتها للقاء النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز حفظه الله بالمواطنين في مكتب سموه في جدة حين أوصى حفظه الله بقوله:" الترابط الاجتماعي والتكاتف والتعاون والبذل للمحتاجين هي صفة كل مواطن في هذا الوطن لأنه يخشى الله ثم يرجوه"، حتى نقلت "الوطن" الصدى القادم من شواطئ الخبر الحبيبة، وأناشيد الوفاء والوطنية تحت زخات من ثلوج الابتهاج المتساقطة على الصدور احتفاء، وأطفال الأماني يتسابقون لصنع التماثيل الثلجية لرجل الأعمال الوطني البار مبارك السويكت الذي ضرب مثلا رائعا وقدّم تبرعاً سخياً حين أهدى أسر شهداء الحد الجنوبي مخطّطا سكنيا، فالشكر لسمو النائب الثاني على توجيهه كبير الأهمية وللأستاذ مبارك السويكت على سخائه وندى كفه، ولعل مبادرته القيمة توقظ أفكارا شبيهة لدى أثرياء البلد ورجالات أعماله كأنْ يتبرعوا بمواد البناء أو بفرق المقاولات لبناء مساكن لأسر الشهداء ثم تأثيثها، كما ننتظر أن يلتفتوا لأسر الشهداء خارج الحد الجنوبي أيضا.

ما ننتظره من رجال الأعمال السعوديين البررة هو أن يثبتوا وجودهم في المشهد الوطني كمواطنين فاعلين وبارين بوطنهم ومواطنيهم، و أن يلتفتوا بقلوب الأبوّة والرعاية لشباب الوطن الواقفين على الأرصفة بملفاتهم الخضراء المصفرة تلفح وجوههم سموم الانتظار منذ حين، نرجو ألا يقبل رجالات أعمال الوطن باستمرار هذا المشهد المذل لشباب الوطن والذي لا يليق بالوطن ولا بهم في حين تضج مؤسساتهم وشركاتهم بالعمالة الأجنبية التي تقود سيارات مؤسساتهم وتمر بالأرصفة التي يقف عليها شبابنا ولسان حالهم يتدلى سخرية منهم، ولا يزال مندوبو شركاتهم يترددون يوميا على مكاتب الاستقدام لطلب المزيد ولمطارات المملكة لاستقبال المزيد!

ما ننتظره أن يسهموا في صندوق دعم لضحايا عدم تأهيل خريجي وزارة التربية لاختبار (قياس) لدفع رسوم دراستهم في الكليات الخاصة، أو حتى إنشاء كليات برسوم يقدر عليها متوسطو الدخل، وأن يتبرعوا بملاعب داخل الأحياء لتكون للشباب الذين لم تعد حتى ممارستهم للرياضة متاحة.

الوطن ينتظر رجالاته ومستقبله ينتظر الالتفات لخطر كثافة العمالة الأجنبية اجتماعيا واقتصاديا، وخطر إهمال شبابه وتهميشهم ففي النهاية ليس للبلد إلا أبناؤه!