إلى وقت قريب كان التعامل مع كل الأمراض الخطير منها والبسيط بدائيا، نظرا لتخلف الوسائل والأساليب الطبية وضعف تأهيل الأطباء، إذ كان الغالبية منهم أطباء شعبيين يعتمدون على الأعشاب في المعالجة قبل حقبة أطباء "حبة صباح حبة مساء" والتي جاءت قبل انتشار المستشفيات. لم يكن المجال الطبي متطورا ولم تدخل التقنية في ذلك الزمن في إجراء العمليات المختلفة ولافي الكشف عن الأمراض.وحتى الأمراض التي ينظر إليها الطب في الوقت الحالي على أنها عادية ويمكن علاجها، حيث كانت في ذلك الزمن تحصد الأرواح بلا هوادة.

المتصفح لتاريخ الجزيرة في أوائل الثلث الثاني من القرن الهجري الماضي حين كانت الأوبئة تفتك بالناس وتنتشر بسرعة كبيرة لابد أنه قد قرأعن "سنة الرحمة" والتي أرخ لها بسنة1337هـ ؛ في "سنة الرحمة" مات الآلاف بسبب الطاعون أومايسمى طبيا بالكوليرا في مناطق نجد والأحساء والخليج العربي والعراق وقيل إنه وعلى مدى ثلاثة أشهر كان يُصلى في اليوم على مئة جنازة ولم تفلح كل المحاولات المتواضعة في صد الوباء، ولم يكن أمام الناس إلا الدعاء.

أمراض لم تجد من يعالجها ويوقف العدوى، وأمراض أخرى كانت تقضي على الناس ولم تكن معروفة ومصادرها غامضة، فكان من الطبيعي أن نستوعب في ظل تلك المعطيات قصة الرجل الذي أصيب بالفشل الكلوي قبل أكثر من أربعين سنة ونقله أبناؤه للرياض التي تبعد عن قريتهم خمسمئة كيلومتر. فجع الأبناء بوفاة والدهم في الطريق لقد خذلهم تخلف وسيلة النقل وسوء الطريق وتواضع الإمكانات.

اليوم - بتوفيق الله - توافر العلاج والأجهزة الحديثة وتطورت وسائل النقل لكن في المقابل ارتفعت التكاليف فلم يعد بمقدور صاحب الدخل المحدود دفع أجور عملية جراحية أوغسيل كلى في مستشفى خاص هروبا من طوابير المستشفيات الحكومية الطويلة والمواعيد البعيدة. زراعة الكلية مثلا أصبحت صعبة المنال وإن كانت أملا يراود كل مريض بالفشل الكلوي ولايمكن أن تتحقق تلك الأماني إلا بالتكاتف من كل أفراد المجتمع والدعم السخي من الموسرين. وتغيير ثقافة العمل الخيري والتطوعي لتكون أكثر شمولية فالأجرفي بناء المساجد وحلقات التعليم والصدقات النقدية والعينية للفقراء والمساكين هو ذاته في المسارعة لإنقاذ حياة مريض استجابة لدعوة الحق جل في علاه: " ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا". لو وجدت فقيرا يسألك من مال الله فلن تتردد في منحه ماتجود به نفسك من مال ولو شاهدت شخصا مصابا فستبادر لنجدته، في الحالتين برغم اختلاف المواقف فعلت عملا خيريا مدفوعا بقيمة حب العمل الخيري وما يقدم للإنسان المريض لايوازيه أي عمل آخر.

الجمعيات الخيرية الموجهة لمساعدة المرضى وجمع التبرعات لعلاجهم والتي بدأت بالانتشار تعد ظاهرة إيجابية تُسجل لصالح المجتمع وزيادتها تحقق رؤية "المجتمع كالجسد الواحد" متى تزايدت ثقافة المجتمع لتشمل هذا النوع من العمل الخيري لتصل المساعدات لكل من يحتاج إليها فقيرا كان أومريضا أومديونا أومعاقا.

عمل الخير محسوب في سجلات الإنسان "لايغادرصغيرة ولاكبيرة إلا أحصاها" سواء جاء العمل من مواطن بسيط أودعي إليه أمير أو وزير. والخير الكامن في قلب الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبدالعزيزالمواطن الإنسان القريب من قلوب الجميع بدماثته وتواضعه وتلقائيته جعل المجتمع يستشعر أهمية العمل الخيري الذي تقوم به جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي "كلانا". هذه الجمعية لاتطلب الكثير فرسالة بعشرة ريالات تفرق وأكثر من رسالة تفرق كثيرا. وسموه يطالب الجميع كل حسب مقدرته ويفتح الباب للمساهمة ولو بأقل القليل إيمانا منه بدور المجتمع و"ادفع عشرة ريالات لتنقذ إنسانا".

أقترح على سموه تحويل التبرعات لمشاريع استثمارية تضمن للجمعية مصدر تمويل ثابت لكل المشاريع المستقبلية كي تستمر الجمعية في تأدية رسالتها دون معوقات.