في بعض المناسبات الدينية لدى الثقافات الإنسانية المختلفة يظهر الإعداد الاجتماعي بالطريقة التي تبرز قيمة التكافل والحب والتعايش ضمن اللحظات الجميلة التي تقدم فيها الهدايا البسيطة، وفي أجواء من المتعة يخيم عليها التعاطف وإسعاد الآخرين، ومن يأتي من ثقافة مختلفة ويدخل إلى محلات التسوق للأغذية في التزامن مع شراء الحاجيات للشهر الكريم نسبة إلى الأشهر الأخرى كتوقيت مقدس لدى المسلمين سيظن بأن الشعب السعودي مقبل على مجاعة وليس على مناسبة دينية مقدسة وعظيمة كشهر الصيام.
إذا كان المفهوم لدى الناس بأن الصيام يعني الحرمان والجوع مقابل ما يتوجب عليهم تعويضه بموائد المأكولات، فإن هذا ما يدفعهم في ثقافتهم الاستهلاكية لتوفير أكبر قدر من المشتريات التي يسدون بها حاجاتهم بعد الإفطار، وهذا يعني أن شعيرة الصيام ليست مفهومة لديهم بالقدر الكافي، فالفرد يقضي يومه جائعاً ثم يُشبع جوعه بطريقة غير صحية يفتقد فيها إلى ما يجب أن يكون عليه التوازن الغذائي والصحي الذي يتحقق مع فوائد الصوم وأهدافه، غير أن الصيام في رمضان عبارة عن دروس لخفض الاستهلاك الذاتي، وللشعور بالغير والإحساس بالفقراء ومساعدة المحتاجين.
لا شك في أن غلاء المعيشة من أهم عوامل الأزمات التي ترهق المواطن والتي يستغلها التاجر في هذه المناسبة، والتي تقع في مقابل عدم كفاية الدخل لدى بعض الأسر، وهذا يصعب تحقيق الكفاية لحاجات الأسرة بشكل عام، ولذلك نحن بحاجة ماسة إلى بناء ثقافة الأسر تجاه تحديد رغباتهم مقابل الشراء المفرط الذي يتزامن مع رمضان وغيره من المناسبات، وكأسلوب حياة بشكل عام، وهذا ما يساعد الأسرة في تحسين الإدارة المالية والاقتصادية، غير أن أحد السبل المهمة لتغيير هذه العادة الخطرة تقع على عاتق الإعلام التي يقوم بعضها بدعم هذه الثقافة من خلال الإعلانات وغيرها، إضافة إلى أن الاستهلاك العقلاني للغذاء يقع تحت مسؤولية المؤسسات الرسمية والخاصة والتربية الأسرية، وبهذا فعلينا أن نفعل سياسات معينة لها أهداف حقيقية في ترشيد الاستهلاك، لأنها تنعكس على الجوانب الاقتصادية في المعيشة على مستوى الأفراد، ولأن النجاح في هذا الترشيد ستكون له أيضاً انعكاسات إيجابية على المستوى الاجتماعي.