في ذاك الصباح وعندما كنت أقود سيارتي لمكتبي استوقفني رجل المرور بندائه المعهود من خلال سيارته "يا راعي .... جنب" ولولا أني أعرف نوع سيارتي ولونها لما عرفت أنني المنادى. فقمت بتجنيب السيارة ورأيته في المرآة ينزل من سيارته ويصلح هندامه ثم يأتي بجانب سيارتي وقبل أن يلقي السلام، الذي هو من تعاليم ديننا السمح فاجأني بسؤاله "حزامك لم يكن مربوطا وقد ربطته الآن" فأجبته "أبدا فهو مربوط منذ الأول"، فسألني: "متأكد" فقلت كما أراك الآن" فاستطرد "إذا كنت تتحدث في الجوال" فقلت "جوالي في جيب الثوب فهل ترغب أن أخرجه" فرد "لا" وكنت أتوقع أن يطول الحوار الذي يشبه السؤال والجواب في مسابقات رمضان ولكنه أنهى اللقاء بجملة "روح الله يسهل عليك" وانطلقت وأنا أفكر في هذا الضابط وطريقة تعامله ألم يكن من الأفضل أن يلقي السلام أولا... ألم يكن من الأفضل عندما اكتشف خطأه أن يعتذر ويقول جملة تشعرك بأنك أولا وأخيرا إنسان، وأنهم حريصون على سلامتك "كما تعرف أننا حريصون على سلامة الجميع وأردت التأكد أنك تربط الحزام فسلامتك تهمنا... رافقتك السلامة". يفتقر بعض رجال المرور لدينا إلى أخلاقيات التعامل ويعتقد أنه الحكم والقاضي وأن دوره حفظ القانون وليس التعامل بشكل لطيف وتثقيفك بأهمية السلامة وطرقها.

على نفس المنوال نقيس نظام ساهر فما إن يحل ساهر عند إشارة ما حتى تختفي إشارة العد التنازلي، التي توضح متى سينتقل الضوء من الأحمر إلى الأخضر ومن الأخضر إلى الأحمر فتشعر أن إشارة العد كانت فترة السماح والآن فترة العقاب. ألم يكن من الأجدى أن تبقى إشارة العد التنازلي حتى أحرص على الالتزام ومعرفة كم من الوقت عليّ أن أنتظر أو متى سأقف وحين مخالفتي لهذه القوانين فيأتي نظام ساهر كإثبات بأني لم ألتزم رغم كل العوامل المساعدة. أنا لست ضد ساهر بل من المعجبين به، حيث نظم كثيرا من الأمور ولكن طريقته أظهرت مخالفات وحوادث جديدة، فأصبح المسرع يمشي خلف الخط الأصفر مما يعرض الجميع للخطر، وأصبح سائقو السيارات يقفون فجأة لدى الإشارات خوفا من ساهر فيصطدم بهم من خلفهم وما أكثرها عند الإشارات اليوم.

إن الغرض من قوانين تنظيم المرور ورجال المرور هو حماية ووقاية الأرواح، ويأتي ذلك بالتثقيف ووضع آليات تساعد على ذلك وليس بالمخالفات وممارسة القانون بشكل تعسفي.

إنني أحيي رجل المرور فمسؤوليته عظيمة، فهو يحافظ عليّ وعلى أسرتي وأبنائي، ولكن أعتقد أن دوره تثقيفي وإن كان دوره الانضباطي مطلوبا فليس عند الإشارات أو في المواقع التي بها ساهر بل داخل الأحياء، حيث يقوم البعض بعكس الطرقات أو تسليم سياراتهم لأطفال لم يتجاوزا السن القانونية للقيادة. كما نتمنى أن يكون أكثر انتباها لما يدور حوله من البقاء والانشغال بهاتفه الجوال.