لخص الراحل الأمير نايف بن عبدالعزيز، خطورة فكر جماعة الإخوان المسلمين في كلمات قليلة ولكنها عميقة في معناها عندما قال: إن مشكلاتنا كلها جاءت من الإخوان المسلمين.. لقد تحملنا الكثير منهم، ولسنا وحدنا الذين تحملوا منهم الكثير، إنهم سبب المشاكل في عالمنا العربي.

ومنذ نشأتها والجدل لا يبرح تلك الجماعة في مصر، وجنوحها في أحايين كثيرة إلى لغة العنف التي جاءت عليها طوال تاريخها بنتائج عكسية، كان أهمها مقتل مؤسسها حسن البنا عام 1949 بعد اغتيال رئيس وزراء مصر آنذاك محمود النقراشي بواسطة أحد كوادر الجماعة، وتعليق البنا على من ارتكبوا الجريمة بأنهم "ليسوا إخوان وليسوا مسلمين"، إلا أن الجماعة لا يبدو أنها تتعظ كثيرا لما ترويه فصول تاريخها المليء بالدم، لتصير أيقونة العنف المؤدلج، فكان الصدام مع الحكومات نتيجة لخط سيرها الذي ارتضته لنفسها.

وفي الخليج كانت للإخوان قصة بفصول بدأت بلجوء وانتهت بجحود، فبعد أن شتت الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر شملهم، لم يكن مناص لجماعة الإخوان وقيادييها إلا اللجوء إلى الدول المجاورة، وهنا لم يجدوا أفضل من الضفة المقابلة للبحر الأحمر، حيث المملكة ومن خلفها شقيقاتها الدول الخليجية، وهي الدول التي استقبلتهم بود ولم تجد مقابله الكثير، وبحسب طبيعة أسلوب الجماعة وتلونها استطاعت أن تستقطب الكثير من الشبان الخليجيين في ستينات وسبعينات القرن الماضي، وكانت تجيد اختيار مؤيديها من ذوي المناصب في المجتمع، خاصة بعد أن قدمت نفسها بغلاف وسطي يهدف لإصلاح المجتمع وأفراده مع إغفال متعمد للقضايا الجدلية لتظهر أكثر عصرية وسط تيارات تجاوزها الزمن آنذاك، فكان أن وقع بعض الناس في شراك أفكارها وصاروا يضعون المناهج في غفلة من الزمن، وبعد أن فرغت من المرحلة الأولى كان الظهور للعلن بعدها، وهكذا سارت الأمور أو ظن مسيروها ذلك.

لم تزد السنون التي مرت على الجماعة، قياداتها إلا تمسكا بتقاليد الأمس، حيث تعاليم الأب الروحي والروائي السابق سيد قطب راسخة في الأذهان، أنها جاهلية تلك التي تعيشها المجتمعات حاليا، لا بد من مصلح، فكان منصب المرشد هو الحل السحري، ولكن الخليج أمر مختلف، حيث الأعراف والتقاليد في الحاكمية لا يمكن التنازل عنها لجماعة برجماتية متقلبة، فوقعت مصادمات على استحياء في العقدين الأخيرين، أسهمت في سرعة إطفاء جذوتها، الطبيعة الهادئة لأهل الخليج، إلا أن الأمر لم يستمر كذلك طويلا، بعد أن تمادت الخلايا الإخوانية قبل أن تكشر عن أنيابها مع هبوب رياح ما سمي بـ"الربيع العربي"، ظنا منها أنه فرصة مناسبة لتكرار السيناريو التونسي أو المصري في الخليج، لتكشف بعد الجماعة عن الواقع الذي تعيشه.

والآن وبعد قرار وزارة الداخلية بحظر عدد من الجماعات المتشددة، في مقدمتها جماعة الإخوان، سيكون القرار فاصلا في تاريخ الجماعة التي عليها أن تستدعي كل ما لديها من رصيد إذا أرادت الركون إلى السلم وترك فكر المؤامرات.