من مهام الحكم الرئيسة في الملعب حماية النجوم، نسمع هذه العبارة خصوصا من المختصين في قانون كرة القدم، وندرك أهمية دور الحكم من واقع شخصيته، ولكن ماحدث للنجم (الماتع) الشاب "نيمار" مهاجم المنتخب البرازيلي أمام كولومبيا في ربع نهائي مونديال 2014، يدين الحكم الإسباني "كارلوس فيلاسكو" وضعف (إدارته) للمباراة وعدم قدرته على حماية النجوم من تهور المنافسين، والمحير أنه لم يتخذ أي قرار، في وقت كان يستحق المدافع "خوان تسونيجا" الطرد نتيجة تهوره وما قد يسمى (عدوانية)، وخصوصا أن الكرة كانت في حوزة نيمار.

الدخول الهوائي على أسفل ظهر "نيمار" كان مؤلما وموجعا ونحن نتابع المباراة المهمة والحاسمة، ومن الوهلة الأولى يتبين مدى خطورة الالتحام العنيف، وزادت الصورة وضوحا والمختصون يحملونه خارج الملعب إلى المستشفى قبل أن يأتي الخبر (الصاعقة) بأنه أصيب بكسر في إحدى فقرات ظهره ولن يكمل المونديال، وزادت التقارير الطبية المخاوف على حياة واحد من أمتع اللاعبين الشبان بأنه (نجا) من شلل كامل.. وهذا أسوأ من إصابات الملاعب المعتادة التي أقساها (الرباط الصليبي)!

والأكيد أن اللاعب معرض حتى للموت وهو يلعب من جراء اختلال توازنه و(بلع) لسانه وهناك سوابق في ملاعب عربية وأوروبية، لكنني أتحدث هنا عن عنف وخشونة من أبجديات مسؤوليات الحكم في كبح جماح المتهورين، على الأقل بعد وقوع الحادثة لكن الحكم الإسباني "كارلوس" تسبب بضعف تعامله القانوني منذ بداية المباراة في استفحال الأخطاء وقوة الالتحامات، حتى وصل الأمر إلى تعرض أحد أهم نجوم المونديال لكسر في ظهره.!

هذا الحكم ساهم بشكل قوي في أن تتفاقم سلبيات التعامل بين اللاعبين في العراك على الكرة بسبب تجاوزه عن أخطاء فادحة واكتفائه باحتساب (خطأ) في عدة التحامات، ومع مرور الوقت واحتدام التنافس للظفر بالدور (نصف النهائي) في المونديال، اندفع "تسونجي" بقوة وطار على ظهر "نيمار" حتى أقعده عن اللعب.!

والأكيد أن المدافع الكولومبي ترك لنفسه بصمة سوداء في المونديال وهو من يتحمل تبعات تهوره، والأكيد أيضا أنه قد يرتكب مثل هذه الحماقة حتى لو كان الحكم صارما وقويا في تطبيق نصوص القانون، لكن الحكم ساهم بشكل قوي في تصاعد حمى التنافس والتحدي حتى حدث ما حدث.

والحقيقة أن (كارلوس) أعطى صورة غير جيدة عن مستواه بعدم احتساب ركلة جزاء، وكونها من الأخطاء (التقديرية) فقد نجد له العذر، لكنه يلام ويؤنب في ضعف إدارة المباراة، وهذا هو الأهم في تقييم مستوى الحكم الذي يجب أن يضبط اللاعبين ويكون قويا في مواقف معينة من بينها إصابة نيمار وقبلها الالتحامات المؤذية، ولذا لا أدري كيف وصل إلى هذه المرحلة في المونديال، ونحن نعرف أن (الفيفا) يبعد أي حكم يكون مستواه أقل من قيمة كأس العالم ومع تقدم الأدوار يختار الأفضل للبقاء حتى النهاية، بما يعزز من قيمة المنافسة وعدالتها وجمالها.

ولاحظنا في الدور التمهيدي حكاما سيئين لم يبقوا، فقلت الأخطاء وارتفع مستوى المنافسة، لكن الإسباني كارلوس ظهر بمستوى ضعيف وزاد من توتر اللاعبين في مباراة حساسة وصعبة. وفي هذا السياق نترقب موقف الاتحاد الدولي (الفيفا) من هذه الحادثة وتبعاتها السلبية والموجعة.

وعلى صعيد منافساتنا السعودية، نأمل من حكامنا واللجنة الموقرة أن يستفيدوا من إيجابيات وسلبيات المونديال التحكيمية، وأن يكون العمل أكثر دقة في ثقافة الحكم وشخصيته وقدرته على إدارة المباريات مع أهمية تطبيق نصوص القانون وبالتالي يحمي الحكم نفسه من التأويلات.