فاجأت قاضية إنجليزية مسلمة كانت تلقي كلمة الختام في منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة الأسبوع الماضي في أبوظبي، بدعوة الشاعرة السعودية نعمة إسماعيل نواب، لإلقاء إحدى قصائدها الإنجليزية القصيرة، التي تحمل عنوان "From Womb to Tomb" (من المهد إلى اللحد) أمام الحاضرين، وبحكم أن تلك الفقرة لم تكن مدرجة على جدول الأعمال بل مبادرة من القاضية بعد قراءتها لديواني نواب، سارع موظفو الترجمة الفورية لتوزيع المزيد من الأجهزة اللاسلكية لنقل ترجمة القصيدة من الإنجليزية إلى العربية عندما عرف الحاضرون أن الشاعرة تنتمي لمكة المكرمة. تقول نواب الحائزة على المرتبة السادسة ضمن قائمة "النساء المسلمات المئة الأكثر استثنائية في الماضي والحاضر" في حديث إلى "الوطن": "أنسى زمن كتابة القصيدة مع مرور الزمن، ولكن القصيدة وردت ضمن ديواني الأول "The Unfurling"، الذي كان ضمن أكثر الكتب مبيعا، وهي من أوائل قصائدي ذات الطابع السياسي، التي تحكي الواقع المؤلم للأمة.

وتضيف نواب أنها قلما تستعير ألفاظا عربية في قصائدها، إلا أنها استخدمت عبارة من "المهد إلى اللحد"، وأرادت أن تكون القصيدة نفسها قصيرة؛ ليكون وقعها أقوى، واصفة الكتابة الموجزة بأنها "الأصعب" على خلاف الكتابة المطولة، وهو ما يميز اللغة الشعرية، التي تركز على الاختزال والمعاني والموسيقى الشعرية. ولاقت القصيدة ترحيبا في أوساط الحاضرين، إذ نقل أحد المحاضرين الأكاديميين الأميركيين مشاعر الحضور بقوله: "كنا نريد المزيد، فقد تأثرنا عاطفيا بالقصيدة، فهي تحكي كثيرا عن واقعنا المؤلم".

تكتب نواب الشاعرة الأنجلوفونية (ذات العلاقة باللغة والثقافة الإنجليزية) جميع قصائدها بالإنجليزية، فقد نشأت على تعلم 3 لغات، وكان والدها العالم الراحل إسماعيل نواب، يركز كثيرا على اللغات، ومن ضمنها الإنجليزية من ناحية المفردات وأسلوب الكتابة، بحكم إتقانه سبع لغات وعمله في مجال التنقيح اللغوي والتحرير. وتشرح ذلك قائلة: "اعتدت في طفولتي أن أقرأ بتنوع، فلم أحصر نفسي في حضارة معينة، فأنا أحب التاريخ الإنساني وتاريخ الأديان. وعندما كنت في الثامنة، كان الوالد يلقي على مسمعي القرآن والشعر العربي، إلى جانب مسرحيات ويليام شيكسبير قبل النوم، وحفظت أجزاء من مسرحية "يوليوس قيصر" أيام الطفولة". وتشير نواب إلى أهمية الكتابة بالإنجليزية: "أكتب للجمهور العالمي، فكثيرا ما نشتكي أن الآخر لا يفهمنا. أنا لا أحب كلمة "الآخر" لأنها تجعلنا وكأننا لوحدنا في مقابل من نختلف عنهم، فكلنا بشر". ولا تحصر نواب نفسها في توجه شعري معين، بل تفضل التنوع في النصوص، فقد بدأت بقصائد سياسية حول فلسطين والعراق؛ لتنتقل بعدها إلى موضوعات المرأة والشباب والقضايا العالمية، ثم قصائد ذات طبيعة روحانية. كما أنها تصنف القصائد بعد تنقيحها بحسب الموضوع ضمن ملفات. وعندما تجمعت القصائد شجعها شعراء على إصدار ديوانها الأول "The Unfurling"، أما الديوان الثاني "Canvas of the Soul" (قصائد روحانية)، فصدر بعد تجميع قصائد ذات موضوعات روحانية، وهدفت من ذلك إلى إبراز الفنون الإسلامية من خلال إدارج أجزاء من مخطوطات أثرية ونماذج عن فنون الخط العربي والعمارة الإسلامية - على حد قولها -.

تتذوق نواب الشعر بلغاته الأصلية، وتعتقد أن ترجمة الشعر هي الأصعب، إذ لا بد أن يكون المترجم شاعرا؛ حتى ينجزعمله بدقة. كما أنها تعكف حاليا على دراسة الإسبانية، وعينها على نصوص الشاعر التشيلي بابلو نيرودا، إضافة إلى تعلم لغات أخرى كالتركية.