ولربما كتبت فكرة هذا المقال من قبل وأجد نفسي اليوم متلهفا لتكرارها وخصوصا بعيد حديث سمو الأمير نايف بن عبدالعزيز وهو يطلب من الوزراء والمسؤولين تلمس احتياجات المواطنين (في أماكنهم) وقد وضعت (الأماكن) بين قوسين.

أكتب من أبها حيث السادة من (سدَّة) الوزراء والمسؤولين معنا ثلاثة أصناف. فريق يزور ويتلمس ويأتي إلينا دوريا، وعلى الأقل، يطلق فينا الأمل بالوعود وفي أفضل الأحوال نستطيع أن نقابلهم وأن نتبادل معهم معاريض الطلبات والشكاوى حتى ولو كنا نعلم أنه سيعيد الشكوى والطلب إلى المربع الأول وهو (يطلب الإفادة) من المسؤول الأدنى الذي نشتكي منه. فريق ثان من الوزراء وكبار المسؤولين يأتون إلينا أيضا ولكن فقط عندما تلوح في الواقع نذر أزمة. قصة مياه أو حتى دار رعاية آيلة للسقوط، وهؤلاء علمونا أن نختلق الأزمات حتى نفرح بهم بيننا، وهؤلاء علمونا جبر الخواطر أكثر مما تعلمنا أن ندفن الأزمات.

فريق ثالث من الوزراء والمسؤولين لا يأتون إلينا في المطلق ولو حتى من باب معرفة النصف الجنوبي من الوطن الذي استوزروا أو (تمسألوا) فيه. خذ مثلا: أن رئيس شركة (سار) لخطوط الحديد لا يعرف حتى البوصلة رغم الحديث المضحك عن محطات شركته (الست) التي تثير الاستفزاز. إن معالي رئيس هيئة الاستثمار لم يضعنا مطلقا في أجندته ناهيك عن الإعلام بزيارته. لم يطر إلينا أبدا معالي رئيس هيئة الطيران المدني. أعرف أن لا علاقة لنصفنا الجنوبي من الخريطة بخارطة الحج، ومع هذا نطلب من معالي الوزير أن يعرف جزءا من خارطة بلده. سأداعب أيضا معالي وزير الإعلام إن قلت له إننا نفكر ونثاقف ونكتب القصيدة الحرة وننتج صحيفة يومية وكل ذاك في دائرة اهتمامه، وبالطبع لا رؤية عينه المجردة. وإذا كان خادم الحرمين الشريفين وولي عهده ونائبه الثاني يأتون إلينا مجتمعين وفرادى تفقدا فيما يشبه العادة السنوية فلماذا: لم نكن أبدا في برامج زيارات أصحاب المعالي وزراء المال والاقتصاد والتخطيط والعمل وشؤون الإسلام وحتى العدل وعفوا إن نسيت أو تناسيت البعض. كل الخلاصة أن تلمس احتياج المواطن في (مكانه) لا يمكن أن يكون عبر الورق أو حتى بالريموت. نحن هنا.