بعد أن أمضى نحو 10 أعوام في أوروبا، خلص إلى أن السعوديين يتمتعون بحرية لا مثيل لها في معظم بلاد العالم.
صديقي "الدكتور" يؤكد أنه يتحدث وفق مقولة غاندي: أن "الحرية بلا قيمة إذا لم تشمل حرية ارتكاب الأخطاء" ويقول: "هامش الحرية الذي نتمتع به في بلادنا كبير جدا حتى ولو كان سلبيا".
تركته يواصل حديثه، فيما كنت أتأمل ملامح الإحباط على وجهه دون أي ردة فعل.. وأحاول عبثا استيعاب نظرية "الاستعباط" التي أراد إثباتها.
يقول صاحبنا: الغربيون يعيشون كل أصناف "الاضطهاد التنظيمي" ـ هكذا يسميه ـ الذي حولهم إلى آلات ينفذون بدقة الأنظمة والتعليمات المطلوبة منهم دون أي تجاوز، بينما السعوديون يفعلون ما يشاؤون دون أي قيود.
طلبت منه أن يوضح أكثر، فقال: "في السعودية على سبيل المثال لك الحرية الكاملة في التعامل مع أطفالك كيفما تشاء.. يمكنك مثلا حرمانهم من العناية الصحية أو التطعيمات، أو التعليم، أو حتى التعامل معهم بقسوة.. فيما يحاسب الأب على كل ذلك هناك".
قال لي: "في أوربا أنت مقيد في كل تصرفاتك خارج المنزل، وفي أثناء قيادتك سيارتك، الوقوف في أماكن مخصصة، السير وفق سرعات محددة، حتى المسارات لها نظام معين لا يمكنك تجاهله حتى لا تعاقب.. بينما في بلادنا أنت حر في كل ذلك"!.
واصل صديقي بحماس حديثة عن غياب النظام، والتراخي في تطبيق العقوبة، وفي كل مرة يتوقف عن الحديث يرفع حاجبية ويقول على طريقة "سعيد صالح" في مسرحية مدرسة المشاغبين: "حرية دي والا مش حرية يا متعلمين يا بتوع المدارس؟".
كان مستوى الإحباط الذي يشعر به هو ما دفعه دون وعي لمحاولة تحويل كل تلك السلبيات إلى إيجابيات يعزي بها نفسه، بعد أن اضطر للتعايش مع بعض مظاهر "التخلف" التي نعاني منها في حياتنا اليومية، بسبب غياب النظام وتطبيقه.
نعم يا صديقي.. هي حرية وهذه حياتنا.