لا تكاد تمر شهور قليلة إلا وتبدأ ألسنة النيران في التصاعد بالمنطقة التاريخية بجدة، مستبدلة عبق الماضي في أروقتها بانبعاثات سموم الحرائق، وسط محاولات حثيثة من عدة جهات حكومية للمحافظة على المتحف المفتوح بقلب عروس البحر الأحمر.

يقف زوار المنطقة التاريخية متأملين أسوارها التي بنيت في الماضي لحماية جدة من الهجمات الخارجية، فيجدونها عاجزة في الحاضر أمام هجمات النيران المتكررة، ففي كل "هجمة نارية" تلتهم الحرائق أجزاء من التاريخ، معلنة غياب شاهد من شواهد الماضي الجميل.

مئات المنازل التاريخية غابت عن ذاكرة عروس البحر الأحمر على مدى السنوات الماضية بسبب الحرائق حسب تصريحات عدد من الجهات الحكومية، إذ تقول إدارة الدفاع المدني بمحافظة جدة، إن اندلاعها بين فترة وأخرى عائد إلى أن هذه المنازل يسكنها في الوقت الحالي عدد من الوافدين الذين لا يلتزمون بشروط السلامة المنزلية، فمرة تكون التوصيلات الكهربائية الرديئة سببا، وأخرى تكون أفران الطبخ وراء الحرائق.

مسلسل الحرائق غيب قبل 5 سنوات أحد أهم معالم جدة التاريخية بعد انهيار بيت باعشن أمام النيران الذي استمر صامدا نحو 200 عام، وجاره بالمكان والزمان بيت عوضة الذي سبقه بشهور بسيطة، في حين وعدت أمانة محافظة جدة بالمحافظة على ما تبقى من المباني الأثرية، معلنة عن وجود خطة معتمدة للتنفيذ بترميم نحو 34 مبنى أثريا في المنطقة التاريخية من مجموع 557 مبنى مصنفة أثريا في قلب عروس البحر الأحمر.

وأمام خطة الأمانة، يأمل أهالي العروس أن تكون قادرة على الحفاظ على "ملاقف" الغرف و"الرواشين" التي تمتاز بها المنازل التاريخية لتبقى شاهدة على تاريخ المنطقة.