حتى لو قرأت كل تاريخ جدة وسمعت كل قصصها القديمة لن تعرف جدة على حقيقتها؛ إلا حين تزور منطقتها التاريخية وتتعرف على آثارها العتيقة، وترى شبابها وهم يجوبون الآثار مرشدين ومسترشدين "تطوعاً"، وحباً في البلد.

ندرك كلنا أن تاريخ مدينة جدة يعود إلى عصور ما قبل الإسلام، وفي بدايات العصر الإسلامي شهدت تحولاً كبيراً عندما اتخذها الخليفة الراشد عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ ميناءً لمكة المكرمة.. وحين نتجول اليوم في أزقتها وأسواقها وحاراتها سنستعيد كل التاريخ "ظاهرياً" وكأننا نشاهد التاريخ قبل أن نقرأ سطوره.

تعرفت على جدة وانبهرت بتراثها وتاريخها وحاراتها القديمة وإقبال الناس على زيارتها والتسوق فيها، وأعجبت كثيراً بالفعاليات الرمضانية التي تقيمها محافظة جدة هناك تحت عنوان "رمضاننا كدا"، حين اصطحبني الدكتور أحمد العرفج برفقة الدكتور الشاعر صالح الشادي في جولة تاريخية سياحية في جدة بليلة رمضانية ماتعة، كان المرشد فيها عمدة حي المظلوم الكريم "ملاك باعيسى"، وكذلك "عبير أبو سليمان" أحد أفراد مجموعة "قلب جدة" التطوعية، وعبير تمارس الإرشاد في المنطقة التاريخية باقتدار وبثراء معلوماتي وبعدة لغات لتخدم أكبر قدر ممكن من زوار المنطقة، وكل ذلك تطوعاً وحباً للبلد.

في المنطقة التاريخية شاهدت قديم جدة وتاريخها وأهلها وعاداتهم وحياتهم وأسواقهم، وقرأت التاريخ بعيني، وأدركت قيمة الآثار والتاريخ في جدة، الذي اهتمت به الدولة حتى تم تسجيل "جدة التاريخية" ضمن قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونيسكو في 23 شعبان 1435.

الجميل في جدة ليس فقط تاريخها وآثارها والاهتمام بها، بل الجميل أيضاً تسويقها من قبل شبابها وفتياتها المتطوعين لخدمتها والمشاركين في فعالياتها، والجميل أيضاً ما تقوم به محافظة جدة من تنظيم وتنسيق يتيح لشبابها تقديم خدماتهم وتساعدهم على ذلك.

في جدة التاريخية مدرسة تطبيقية لتعليم الأعمال التطوعية، وخذوا مثالا واحدا هو مجموعة "قلب جدة"، ابحثوا عنها في "النت" لتتعرفوا عليها وعلى شبابها وأعمالها وأفكارها.

(بين قوسين)

الإقبال على جدة التاريخية مؤشر على أننا نستطيع أن نصنع متعتنا حتى بتاريخنا وآثارنا، وهنا لا بد من التفاتة من "هيئة السياحة" إلى كل آثار الوطن وتسويقها محلياً وعالمياً.