خطأ فادح أن تطالب ابنك بأمر فوق مستوى قدرته، خاصةً فيما يتعلق بمستقبله الدراسي أو الوظيفي.. بعض الآباء يريدون أن يحققوا من خلال أبنائهم ما عجزوا هم عن تحقيقه.. وهذه للأسف قناعات يؤمن بها كثير من الآباء - بعضهم متعلمون -، فتجدهم يبذلون جهداً كبيراً لمطاردة أحلامهم التي عجزوا عن تحقيقها.. بحثاً عن المكانة الاجتماعية والاقتصادية!.

قد نجد العذر لإنسان غير متعلم لا يدرك طبيعة الفروق الفردية بين البشر، ومآلات الاختلافات بين الأفراد.. فكيف لنا أن نعذر متعلماً يوزع المهن بين أولاده.. "هذا طبيب وهذا مهندس وهذا طيّار".. فيفرض خبراته وقناعاته على غيره، دون أن يجد الابن الفرصة أو الجرأة للاعتراف بمحدودية قدراته.. في القرآن الكريم "لا يكلف الله نفساً إلا وسعها"!.

دور الأب هو التوجيه وتذليل العقبات التي قد توجه ابنه، لا فرض الرأي عليه، وإلزامه بالقبول به دون نقاش، ودون إدراك أن لهذا الابن قدرات قد تكون محدودة!

الخطير في المسألة أن الأمر يتطور لدى بعض الآباء - الكبار في السن بالذات - ويتجاوز عبثهم البريء بالمستقبل الوظيفي لأبنائهم، ليصل إلى تحديد حياة الابن الزوجية، دون أن يجرؤ الابن في هذه أيضاً - كما في السابقة - على الاعتراض، بل إن هناك من يتدخل في نوعية السيارة المسموح للابن شراؤها، وكل هذه الممارسات القمعية تسهم إلى حد كبير في تعميق الهوة بين الاثنين.. فنجد أنفسنا أمام صدام يومي بين جيلين.. جيل الآباء وجيل الأبناء.. قد يتطور مع مرور الأيام دون الانتباه، ويصبح دافعاً لكثير من المشاكل والجرائم البشعة التي نسمع ونقرأ عنها..

الخلاصة: افتحوا قنوات الاتصال مع أبنائكم.. كونوا أصدقاء لهم.. استشيروهم.. أدخلوهم في النقاشات العائلية.. استمعوا لهم وأنصتوا.. أشعروهم بأن لهم رأيا مستقلا، لا تعبثوا بمستقبلهم.. لا تكرهوهم على ما لا طاقة لهم به، فيخسروا أنفسهم، وتخسروهم.