على عكس الكتاب الذين يزعمون أن موهبة الكتابة لديهم انطلقت من حصة التعبير في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة؛ كانت حصة التعبير بالنسبة لي هاجسا كبيرا، وخاصة عندما يطلب مني المعلم أن أكتب عن "أين قضيت إجازة الربيع؟"، ومن ثم قراءة ما أكتبه أمام الطلاب، عندها يتسابق زملائي الصغار إلى إطلاق عنان الخيال لكتابة قصة عن قضاء الإجازة عن السفر من القرية إلى الطائف أو مكة المكرمة أو المدينة. وأنا أعرف أن ما يكتبونه ليس إلا ضربا من الخيال فـ"كلنا عيال قرية".

فأكتب أنا الذي أقضي إجازتي في مساعدة والدي - رحمه الله- في رعي الغنم، بصراحة متناهية عن قضاء الإجازة في رعي الغنم وجلب الماء، وإن كان هناك سفر للطائف فهو لسوق بيع الأغنام.

كانت صراحتي في الكتابة تجعلني في موضع تهكم من قبل أقراني الذين لم يكن حالهم بأحسن من حالي لكنهم يجيدون الكتابة الخيالية، وأنا لا أجيد إلا الصراحة.

وعلى مقاعد الدراسة في المرحلتين المتوسطة والثانوية، كانت الكتابة في داخلي كبذرة لم يحن لها أن تنبت حتى المرحلة الجامعية عندها بدأ هاجس القلم، وكانت البداية من مراسلة صفحة القراء في صحيفة البلاد لنشر بعض مطالب حينا الشعبي، وكتابة العرائض لبعض الأقارب الذين يريدون مراجعة الدوائر الحكومية.

وبعد إنهاء المرحلة الجامعية والانخراط في العمل الوظيفي، كان لا بد لبذرة الكتابة أن تنبت، ولكن من سيتيح الفرصة لشاب يقرأ بشغف زاوية: "محطات القوافل" لمشعل السديري، ويحلم بأن يخوض غمار الكتابة دون سابق إنذار.

ومع إطلالة "الوطن" لم يكن هناك سبيل إلى الكتابة إلا بالعمل مراسلا للصحيفة الشابة التي جاءت مختلفة شكلا ومضمونا، ومن هنا تحقق شيء من الحلم، ولكن هاجس الكتابة في داخلي لم يهدأ، وبعد 12 عاما من الركض الصحفي تحقق الحلم على يد سعادة رئيس التحرير الأستاذ طلال آل الشيخ الذي لم يتردد في منحي الفرصة عبر زاوية "عهدة الراوي" عندما شعر برغبتي في الكتابة، ولا أنسى دعم أستاذي الفاضل ماجد البسام، وأحمد التيهاني الذي أشرف على بدايتي وكان مشجعا لي، فشكرا لكل من وضع لبنة في مسيرتي.