بادر الشيخ (حسن الصفار) بشجب واستنكار ما حدث في احتفالية سفهاء لندن (قبحهم الله)، وأكد براءة المذهب الشيعي منهم ومن أقوالهم البذيئة بحق أم المؤمنين السيدة عائشة وغيرها من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن في تصريحه لصحيفة "الوطن". كما أصدر مئات العلماء والمفكرين الشيعة من مختلف أنحاء العالم بالمجمع العالمي لآل البيت بيانا شديد اللهجة أدانوا فيه التعرض لأمهات المؤمنين والإساءة والتطاول على عرض الرسول الطاهر. تلت ذلك أيضا غضبة شيعية نشرت تفاصيلها صحيفة "الوطن" تنتصر لأم المؤمنين عائشة؛ وتصف العمل بالجهل والسفاهة والعمالة لقوى معادية للدين الإسلامي. ثم تبعها استنكار من إخوتنا الشيعة في الأحساء لما قاله السفيهان (ياسر الحبيب) و(مجتبى الشيرازي)، والاحتفالات الموتورة الرامية لإشعال الفتنة وإيقاظ نائمها.

ومما لاشك فيه أن التطرف لا يمثل إلا أهله من شائهي النفوس الخارجين من عباءته؛ والمتحدثين بلسانه القبيح الرامي لدق إسفين الفرقة والتشرذم في مجتمعاتنا. ومن الإجحاف والظلم تحميل إخوتنا الشيعة في المملكة وزر السفهاء ومرضى النفوس الخارجين على المذهب الشيعي -بشهادة أهله- والمتعدين المتجرئين على مقام أمنا عائشة رضي الله عنها التي برأها الله في كتابه العزيز. وهاهم علماء الشيعة ومفكروهم ومثقفوهم ونشطاؤهم ينددون ويشجبون تلك الأفعال والأقوال، ويتحدثون بقلب رجل واحد مقبحين ومستهجنين ما حدث، ويطلقون الحملات المناهضة للتعديات المسيئة. ومن الإجحاف أيضا الخوض في النوايا، وعدم تصديق من يمد لنا يده من إخواننا بالقول الطيب والفعل الحسن وأخذه بجريرة الظالمين.

ومن نافلة القول أن الاختلاف سنة الله في خلقه، وفي هذا الوطن متسع لنا ولإخوتنا الشيعة؛ والتعايش بيننا وبينهم لا يقتضي عدم وجود اختلافات، أو أن نكون نسخا كربونية من بعضنا البعض. ولكنه يقتضي احترام كل منا للآخر، ورفض الإساءة والتعدي من المتطرفين والراغبين في زرع الفرقة وشحن المشاعر أيا كان مصدرهم. وكما نرفض وندين كل من يتجرأ على أمهات المؤمنين والصحابة بالقذف والشتائم، نرفض وندين أيضا من يكفر إخوتنا من الطائفة الشيعية.

وقد سبق أن كتبت في هذا العمود عن تعايشنا مع إخوتنا الشيعة في المدينة المنورة بوئام وسلام، وعن الصداقات الحميمة المتوطدة الدعائم بين الأسر السنية والشيعية في مدينة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم إبان طفولتي. ولعلي وعيت معنى الاختلاف وارتباط المرء بما وجد عليه أهله في تلك السن الصغيرة، وأدركت معنى التعددية بثرائها وزخمها، كما استشعرها وأدركها أهالي المنطقة الشرقية من الطائفتين الذين عاشوا بمحبة واحترام وتسامح في مجتمع واحد.

علينا أن ندرك أنّ الكراهية على الهوية المذهبية والتجييش الطائفي وليد مُشَوّه لهذه المرحلة الحرجة من تاريخنا! فحتى الشيعة والسنة في العراق تعايشوا بسلام ووئام قبل أن يمد الاحتلال الأمريكي يده العابثة وفوضاه الخلاقة في المنطقة، لتأكل الفتن الأخضر واليابس في العراق الجريح. فيما لم ترحم التفجيرات الطائفية البسطاء وهم يسعون لأرزاقهم في باكستان حتى وهي في خضم مآسي فيضاناتها!

من الجنون الانجراف وراء حمى الكراهية والفتن وإلا فسنحترق جميعا بأتون نارها سنة وشيعة!