م. عايض الميلبي
إننا في عصر باتت فيه التقنية سمة وعلامة فارقة، ولا نكاد نجد إنساناً بمنأى منها أو من تأثيرها على أقل تقدير، ومما لا شك فيه أن الجيل الصاعد هم الأكثر انغماساً وتهافتاً على كل ما هو جديد، وبإلقاء نظرة عامة نجد أن طلاب التعليم العام والعالي هم أكثر شرائح المجتمع استخداماً لبرامج التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها، وهؤلاء هم من يعول عليهم في بناء الوطن والمجتمع، وهم الثروة الحقيقية لأي أمة تريد صناعة مجدها وحضارتها؛ كي يسجل التاريخ حضورها، ويخلد ذكرها على مر القرون.
لقد تنوعت برامج التواصل وتواتر صدورها بداية بالكتابية، مروراً بالصوتية، وانتهاء بتلك التي تنقل الصوت والصورة بشكل آني ومباشر، وصارت تلازم الشاب في حله وترحاله؛ كونها موجودة على جهاز جواله الخاص، لهذا تجده يقضي الساعات منعزلاً في عالمه الافتراضي غير مبال بما حوله؛ وبالتالي أصبح يتأثر بمن يتواصل معهم عن بعد أكثر من تأثره بمجتمعه الحقيقي، ومن هنا تكمن خطورة هذه البرامج على صغار السن؛ حيث يلجون دهاليز هذه التقنية وهم ما فتئوا أحداثاً، مندفعين لتجربة كل شيء، ثم إن عالم التواصل هذا - المختفي عن الأنظار - يزخر بكم هائل من النصوص، والصور، والمقاطع الصوتية والمرئية، التي لا تناسب سن من يشاهدها، بل وتوجه تفكيره لسلوكيات سلبية، وتلوث فطرته السليمة، وتزرع لدى النشء مفاهيم غريبة عن ثقافة محيطه المحافظ، وأيضاً تستنزف وقته وجهده، وتصرفه عن العلم والتحصيل الدراسي.
المشكلة أنه يصعب على الأسرة مراقبة مثل هذه البرامج، فهي شر لا بد منه إلا في حالات وظروف نادرة، وكثير من الآباء والأمهات يجهلون معطيات التقنية الحديثة، وربما لا يتخيلون ما يحويه جهاز ذكي لا يتجاوز حجم كف اليد، بواسطته يتواصل الابن أو البنت مع شرق العالم وغربه دون عناء.