اتفقت الدول العربية ودول أميركا الجنوبية على أهمية احترام تنوع الثقافات وأتباع الديانات والحضارات التي تشكل الإرث البشري المشترك، والتأكيد على أن حرية العبادة إنما هي إحدى الحقوق الأساسية التي ينبغي عدم إخضاعها لأي شكل من أشكال التمييز، معربين عن قلقهم إزاء تصاعد حالات التصوير السلبي والنمطي المتعمد لأتباع الأديان ورموزها المقدسة.

ودعا "بيان الرياض" الذي أعلنه وزراء الثقافة في الدول العربية ودول أميركا الجنوبية عقب اختتام جلسات الاجتماع الثالث أمس، إلى دعم حرية تعبير الإنسان لتحقيق التفاعل والمشاركة الفعلية في الحياة الثقافية على مستوى الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، والدخول في مجتمع المعلومات وامتلاك كل فرد لناصية تقنيات الإعلام وتقنية الاتصال، ومنح حرية التنقل للمبدعين بين الدول العربية ودول أميركا الجنوبية لتيسير الانتفاع بهم، إلى جانب تنمية ثقافة الأطفال والشباب وذوي الاحتياجات الخاصة. كما دعا البيان إلى تشجيع التعاون بين الحكومات والمجتمع المدني للمشاركة في وضع تنفيذ وتمويل البرامج الثقافية تعزيزاً للديموقراطية ودعماً للإستراتيجيات الإنمائية، وتشجيع عقد الاتفاقيات الثقافية والبرامج التنفيذية الثنائية والمتعددة الأطراف بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية والتأكيد على تفعيل الاتفاقيات الموقعة بين دول الإقليمين. وأكد وزراء الثقافة التزامهم بالمبادئ والأهداف المشتركة لوزارات الثقافة بالدول العربية ودول أميركا الجنوبية الساعية لتنفيذ خطط وبرامج ثقافية مشتركة بين الجانبين تضمن مساحة أكبر للتفاعل بين شعوب الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، وتعزز التعاون الثقافي والتنمية البشرية والتفاهم الدولي. واتفق المجتمعون على تعزيز التعاون بين المجموعتين العربية والجنوب أميركية من خلال التنوع الثقافي والحضاري، وحفظ الحقوق الثقافية لشعوب الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، والتعاون بين المؤسسات الثقافية، وتفعيل تنفيذ هذه البنود. وأهاب وزراء الثقافة بأعضاء المجتمع الدولي الوفاء بالتزاماتهم بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان خاصة فيما يتعلق بالتحريض على الكراهية الدينية، بهدف حماية حق كل إنسان في حرية التفكير والرأي والضمير والدين دون تمييز أياً كان نوعه.وأكدوا على أهمية دعم المبادرات الرامية إلى إقامة حوار بين الحضارات والثقافات والشعوب بشكل عام، ودعم مبادرة تحالف الحضارات التابعة للأمم المتحدة لمد جسور من التواصل البناء والمعرفة المتبادلة والتفاهم المتعمق في العالم، مع أهمية معرفة وقبول الآخر واحترام حق الاختلاف وتشجيع الحوار البناء لإزالة سوء الفهم والتعرف على المجالات التي يمكن أن يتعاون الطرفان فيها.

ونوهوا بأهمية دعم البرامج والمظاهر الثقافية التي تدعو إلى احترام الشرائع السماوية، وتعزيز الحوار والتسامح بين أتباعها ونشر القيم الإنسانية المشتركة التي تدعو إليها وتدين جميع أشكال الممارسات التي تسيء إلى هذه الأديان وتشوه صورتها.

وعن بند الحقوق الثقافية لشعوب الدول العربية ودول أميركا الجنوبية، فقد دعت الدول العربية والجنوب أميركية إلى تشجيع الإبداع والمشاركة في الحياة الثقافية، وتعزيز سياسات صون التراث المادي والمعنوي المنقول وغير المنقول والاستفادة منه، فصلا عن تعزيز التنوع الثقافي واللغوي في مجتمع المعلومات، وتخصيص مزيد من الدعم لتنمية الموارد البشرية والمالية تحقيقاً للتنمية الثقافية.

وأعرب الوزراء في بيانهم عن أملهم في التصديق على اتفاقية منظمة "اليونسكو" المتعلقة بحماية وترقية تنوع المضامين الثقافية وأشكال التعبير الفني واتفاقية صون التراث المادي وغير المادي وحمايته، مع الحفاظ على التراث الثقافي والأماكن الدينية والتاريخية وصيانتها في المناطق الواقعة تحت الاحتلال، علاوة على احترام وحدة التراث الثقافي والتاريخي والديني لمدينة القدس المحتلة، والطلب من "اليونسكو" متابعة الظروف المحيطة بالمسجد الأقصى والمواقع الإسلامية والمسيحية الأخرى.

وفيما يتعلق ببند التعاون الثقافي والمؤسسات الثقافية في الدول الأعضاء، دعا بيان دول "الأسبا" المكتبة العربية الأميركية الجنوبية إلى القيام بمسؤولية إعداد وتنفيذ المزيد من برامج الترجمة من وإلى اللغات العربية والإسبانية والبرتغالية بالتعاون مع معهد البحوث حول أميركا الجنوبية في المملكة المغربية والمعهد العالي للترجمة في الجمهورية الجزائرية، بالاستعانة بالمؤسسات العربية والأميركية الجنوبية المعنية في شؤون الترجمة بشكل احترافي ومباشر عن اللغات الأصلية.


 


"حكاية نهرين.. الأمازون والنيل"

شدد اجتماع وزراء الثقافة العرب واللاتين على أهمية تبادل استضافة الكتاب والمبدعين بين الجانبين في المجالات الأدبية والفنية، والموافقة على مشروع معرض بعنوان (حكاية نهرين.. الأمازون والنيل) ودعوة كل من: مصر، والسودان، والبرازيل، والبيرو، والإكوادور، وفنزويلا، للإعداد والتنسيق لهذا المشروع، وإنشاء قاعدة معلومات حول أهم المجالات الثقافية بالتركيز على الفعاليات والشخصيات الثقافية في كلا المجموعتين على أن تتولى المكتبة العربية - الأميركية الجنوبية الإشراف على المشروع. وشدد البيان الذي أصدره الوزراء على أهمية متابعة إنجاز مقر المكتبة العربية الأميركية الجنوبية في الجزائر العاصمة، والترحيب باحتضان معهد الدراسات الإسبانية والبرتغالية التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، بشكل موقت معهد البحوث حول أميركا الجنوبية، وإنشاء مكتبات محلية مستقلة في أميركا الجنوبية منبثقة عن المكتبة العربية الأميركية الجنوبية لتوسيع مجالات التعاون الثقافي بين الجانبين.

وشجع البيان عقد أسابيع ثقافية تشمل معارض للكتاب وندوات ومعارض للفنون وكتب الأطفال والأزياء التقليدية، والعروض المسرحية والموسيقية، وحظر النقل غير المشروع والاتجار في الممتلكات الثقافية، والاتفاق على اتخاذ إجراءات محددة للتعاون وتشجيع حماية الإرث الثقافي، وإنشاء صناديق لحماية المواقع الأثرية والمتاحف. إضافة إلى تشجيع إدراج اللغة العربية في المناهج التعليمية في أميركا الجنوبية، واللغات الإسبانية والبرتغالية في المناهج الدراسية العربية، ونشر وسائل الإعلام العربية في أميركا الجنوبية وكذا وسائل الإعلام الأميركية الجنوبية في الدول العربية.

كما تضمن إعداد أدلة عن المتاحف في دول "الأسبا" وإصدار نشرات دورية إخبارية عن الفعاليات الثقافية في الدول الأعضاء، والنظر في إمكانية نشرها على البوابة الإلكترونية لليونسكو، وعقد ندوة لمديري المكتبات والقائمين عليها في دول الإقليمين بمكتبة الإسكندرية . ودعا البيان إلى تنظيم معارض الكتاب في دول الأسبا بالتنسيق مع اليونسكو، وتطوير صيغة للعمل المشترك في مجال الثقافة والنشر الإلكتروني، وتخصيص جائزة للإبداع الثقافي وتشمل الترجمة والأدب والسينما والفن تقدم كل ثلاثة أعوام في قمة الأسبا.