الجدل بين شعوب الأرض يتخذ عدة أشكال وعدة ألوان وكلها "محصلة بعضها". محصلة الجدل مع بعض الأشقاء العرب تنحصر في التعددية الحزبية، وتعدد الاتجاهات التي يعتقدون أنها تمنحهم مساحة من الحرية، بينما كان الحصار لي كسعودي يضعني في زاوية ضيقة من وجهة نظر الشاطحين والناطحين، وكنت أصر على أن وجود اتجاه سياسي واحد في بلدي أفضل ألف مرة من التعددية التي يتشدقون بها، وحولت بلادهم إلى مسرح للفتن الدولية، وهم مجرد أدوات.
لم أكسب الجدل البيزنطي مع الأشقاء العرب، إلا بعد هبوب رياح "الربيع العربي" أو الخريف، سموه ما شئتم.
بعد هذا الانفلات، وهذا الضياع، وهذا التشرذم في وطننا العربي الكبير، بدأ الذي يجادلني بالأمس يقف إلى جواري في الرأي، ويتمنى قيادة سياسية واحدة فقط، واتجاها سياسيا يفكر في مصالح البلد بدلا من "التعددية" التي لكل منها مرجعيتها خارج إطار "الوطن" ولا تخلو من التبعية المذلة.
بدأ الطرف الآخر يعترف بقوة موقفي، ويتمنى لو كان لديه حزب واحد، وقيادة سياسية واحدة، وهدف واحد، وتنظيمات تشريعية واحدة، أما وقد وقع فأس "الربيع" أو الخريف في رأس بعض أشقائنا العرب، فلم يعد أمامنا خيار "التعددية السياسية" التي تمزق وحدة الوطن، بل بقي أمامنا خيار الوحدة والتآلف والحفاظ على الأمن، الذي يعد أهم مقاييس الحياة البشرية، واسالوا أشقاءنا العرب الذين يعيشون فوضى عارمة، لا يميزون فيها العدو من الصديق.
من بات آمنا في سربه فكأنما حيزت له الدنيا، ونقص بعض الخدمات وأنت آمن في سربك خير ألف مرة من عاصفة فتنة تفقد أصاحبها كل حقوقهم، وتخسف بهم إلى الهاوية.
من يقرأ ومن يستمع؟ يا ليبراليين ويا متشددين ويا دعاة جهنم.