السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم بخير، ولأننا ما زلنا في أجواء العيد والمعايدات فلا بأس من الاقتداء بإداراتنا الحكومية واعتبار الأسبوع الأول بعد العيد فرصة لتجديد أواصر المحبة بين الموظفين بعضهم مع بعض وبينهم وبين رؤسائهم ومدرائهم، وفرصة ثمينة للاسترخاء بعد إجازة العيد الطويلة التي هدت الحيل ونفضت الجيوب، ولا بد أن المراجعين يقدرون ذلك حق قدره ويدركون أن أسبوعاً واحدا يضيع لن يغير موازين الكون، فماذا يعني الأسبوع في عمر أمة؟
وتبعا لذلك أقول وبالله التوفيق إنني أؤمل أن القراء من صنف المراجعين صبرا وتقديرا ولن يضيرهم وقد صبروا على غيبتي الطويلة أكثر من شهرين أن يضيع اليوم الأول في لقائي بهم بعد الإجازة في ما لا يضر ولا ينفع على طريقة سوالفنا في المجالس التي نستعرض فيها مشاكل العالم ونحلها بطريقة سلسة سهلة قبل أن ننقض لنقضي على قصاع الطعام ونحن نردد "يا الله لك الحمد الناس ماعد ياكلون"!
المهم أنني فتشت عما نتسلى به اليوم معكم فوجدت أن كل الأخبار التي أعرفها أصبحت "بايتة" ولا بد أنكم تعرفونها. لكنني رأيت أننا مادمنا في "سالفة" ولأنكم قطعا مللتم من "سوالف العيد" ومعزوفات "عيد بأية حال عدت يا عيد" فلا بأس من أن نتفكه حول قصة طريفة حصلت في جنيف، ومع أنها تصلح للنقاش الجاد إلا أن جانبها الطريف أبلغ وأوقع وأنسب لما نحن بصدده اليوم من تسلية.
تقول القصة إن مجموعة الدول العربية المشاركة في الدورة الخامسة عشرة لمجلس حقوق الإنسان طالبت (لاحظوا طالبت) بضرورة إعمال الحق في التنمية كحق للجميع غير قابل للتصرف أو التجزئة وأنه يتعين على دول العالم الانخراط في بيئة اقتصادية عالمية مواتية لأعمال الحق في التنمية سواء الفردية أو الجماعية (وقبل أن يضحك أحدكم من مطالبة بني يعرب أقول إن المقصود بدول العالم هنا غير المجموعة العربية، لأن هذه المجموعة هي التي تطالب ومن غير المعقول أن تطالب بشيء هي تفتقده، ومما يؤكد هذا أن ممثل سوريا نيابة عن المجموعة العربية قال بوضوح يشي بالتحدي لبقية العالم المتخلف قال: إن الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والعشرين لاتفاقية الحق في التنمية ستكون فرصة طيبة لتقييم التقدم المحرز حتى الآن). وهنا التقط الميكرفون مندوب مصر نيابة عن دول عدم الانحياز وقال مهزئا الدول النامية - ومرة أخرى أذكر غير العربية والإسلامية وعدم الانحياز- أنها مازالت عاجزة عن تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية. أما مندوب باكستان الذي يمثل دول منظمة المؤتمر الإسلامي فقد قال إنه بعد 25 سنة على توقيع اتفاقية الحق في التنمية فإنه لا يوجد أي تقدم أو إنجاز فعلي، ولأننا كما اتفقنا نتفكه لابد من التوضيح أن هؤلاء الثلاثة المندوبين يلومون ويهزئون ويسخرون من دول الغرب المتخلف الذين مر عليهم ربع قرن مند توقيع الاتفاقية ولم يحققوا تقدما فعليا في تنمية دول المنظومات الثلاث التي يمثلها الثلاثة والتي تدرك أن العجلة من الشيطان وكل مطرود ملحوق وماذا يعني ربع قرن في عمر أمة؟ لاشيء طالما أنهم يهزون أعواد المنابر وينتظرون من يهز لهم عروق التنمية، وتعودون له من السالمين.