كل الأفعال التي لا تعجبنا نرميها في ركن "الدخيلة"، ونستنكرها ونشجبها ونشنع بفاعلها، دون أن نفكر أنها ربما تكون ردود فعل لأفعال غير دخيلة!

حين يعتدي "مراهق" على معلم، أو يعتدي طفل على آخر، فالموضوع عادي، وقابل للفهم، بحكم صغر السن وتكوينات المراهق.. لكن حين يكون الاعتداء من شاب جامعي على أستاذه وفي داخل الحرم الجامعي فالمسألة "قد" تستعصي على فهم "البعض" إذا لم نكشف تفاصيلها ودوافعها!

كلنا نستنكر - كما تستنكر جامعة حائل - تلك الحادثة التي أطلق فيها طالب النار على أستاذه الجامعي في القاعة الدراسية بجامعة حائل، والتي نجا منها الأستاذ بعد فراره إلى مكتب آخر وفرار المعتدي.. وكلنا نعتبر هذه التصرفات دخيلة على "البيئة الجامعية" التي كل شيء فيها يتطور إلا تعامل الأكاديميين مع الطلاب، الذي يتواصل فيه الانهيار الإنساني ويتمثل في التعالي الأكاديمي!

تعالوا نغوص تحليلاً في القصة، بعدما نجزم جزما قاطعا أن الطالب مخطئ ولا يمكن تبرير فعلته، إلا أننا حين نغوص فيها بحثا عن دوافعها كي لا يكون "مستقبلاً" اعتداء طالب جامعي على أستاذه في قاعة الدراسة "ليس دخيلاً" على البيئة الجامعية!

هل يمكن أن يفكر إنسان في عقله مثقال ذرة من "فهم" أنه سينجو بالفرار حين يطلق النار على أستاذه في مقر علمه وأمام الناس؟

لماذا لم ينفذ الطالب فعلته الدخيلة على البيئة الجامعية في الخفاء، بعدما يتربص بأستاذه في الشارع أو في منزله؟ أليس هذا أسهل لإلحاق الضرر به من القيام بهذه الفعلة في القاعات الدراسية؟

أدرك أن الإجابة ستكمن في أنه "لا" يمكن أن يفكر إنسان في عقله مثقال ذرة من "فهم" بأنه سينجو حين يطلق النار على أستاذه في مقر عمله.. وأدرك جيداً أنه ربما يقول البعض: قد يكون الطالب مريضا "نفسياً". وهنا ندخل في تفاصيل سؤال جديد: ما فائدة الفحوصات الطبية التي يجريها الطالب قبل قبوله في الجامعة إن كانت لا تكشف صلاحيته للتعليم الجامعي من عدمها؟

(بين قوسين)

أيها الأكاديميون افتحوا قلوبكم قبل مكاتبكم لطلابكم؛ لتُخرجوا للمجتمع: جيلا "طموحا، متفائلا، متفاهما، متسامحا، ومتعلما"، وإلا سيكون نتاج علمكم: جيلا "محبطا، متشائما، متشنجا، منتقما، وجاهلا".