مفردة "المنشار" التي وصف بها الأمير مقرن بن عبدالعزيز البنوك السعودية، أبريل الماضي، تبدو ألطف بكثير مما تتصف به فعليا وهي تمارس "الجشع" في أقبح صوره.
الأمير المحبوب مقرن قال في حديثه عن البنوك: "أنا أسميها بالمنشار داخل ياكل طالع ياكل"! متسائلا: "أعطني بنكا واحدا تبرع بشيء أو يدعم بأي شيء". وذات التساؤل يتردد في أذهان ملايين السعوديين؛ إلا أن ذلك لا يشغلهم عن التساؤل الأهم: من سمح لها بهذا الجشع؟
بالأمس، وصلتني شكوى مواطن يئن تحت وطأة جشع البنك الذي استولى على كامل راتبه! رافضا مجرد الإجابة على اتصالاته المتكررة بحثا عن حل يضمن له ـ على الأقل ـ جزءا يعتاش به.
يقول المواطن الذي أمضى 3 أشهر بانتظار تكرم مؤسسة النقد السعودي "ساما" بالرد على شكواه: "كان البنك يستقطع 3367 ريالا قسطا شهريا من راتبي، وبعد تقاعدي انخفض الراتب ليصبح مساويا لقيمة القسط، فأصبح البنك يسحبه كاملا"، ويضيف: "طالبتهم بجدولة المديونية لأتمكن من الحصول على جزء من راتبي، إلا أنهم تجاهلوا مطالبتي".
حسنا، أعلم جيدا أن البنوك عبارة عن "منشار داخل ياكل طالع ياكل" وأعلم أنها لم تجد من يحاسبها؛ ولكن الذي لا أعلمه ولا أفهمه هو سبب تجاهل "ساما" لشكوى ذلك المواطن منذ ثلاثة أشهر، وعدم تحركها لمحاسبة البنك عندما تجاوز النظام الذي يمنع حسم أكثر من ثلث الراتب، حسب "المادة 20" من نظام الخدمة المدنية.
البنوك السعودية تجاوزت كل الأوصاف البشعة التي يمكن إطلاقها عليها، وهي تمارس ما يشبه الإقطاعية دون وجل أو خجل.
وفي قصة هذا المواطن نجدها خالفت حتى الأمر السامي الذي نص على: (عدم جواز الحجز على راتب الموظف إلا بأمر من الجهة المختصّة، على ألا يتجاوز المقدار المحجوز كل شهر ثلث صافي الراتب الشهري ما عدا "دين النفقة").
هذه القضية يجب أن تحاسب عليها "مؤسسة النقد" وليست البنوك. وعلى رأي المثل: "قال من أمرك.. قال من منعني".