بفضل، بل لسوء تغريدة صدرت من مغال متطرف نكرة، انقسمت حولها مساء الأمس وما قبله أكبر قبيلة سعودية (قبيلة تويتر)، ثم انشطرت إلى نصفين حول سؤال الفتنة في ثنايا التغريدة: هل خرج التوحيد من الدرعية أم من مكة المكرمة؟ وأنا اليوم لا أكتب ركضا وراء جاهل نكرة يدغدغ مشاعر الناس باسم الدين بينما تنضح تغريدته بفحش العصبية، فأنا لا أعرفه من قبل، ولا أريد أن أعرفه بعد هذه اللحظة. أكتب اليوم حين تحولت جملة من (140) حرفا إلى قضية رأي عام أدت للانقسام والجدل وبذر الفتنة، ولو كان رمزنا المجدد الإصلاحي الشيخ محمد بن عبدالوهاب اليوم حيا بيننا لكان أول من يقول له: اخرس.. فأنا بريء من كل كلمة في تلك الجملة. عاش ابن عبدالوهاب ومات ـ رحمه الله ـ وهو يجاهد لمحاربة البدع، وأكثر من هذا لتحطيم قداسة الأفراد وتعظيم الأماكن، وكلها أشياء كانت بالمسمى في خزعبلات تلك التغريدة.

على يدي هذا الشيخ ـ رحمه الله ـ درست مثل الملايين من قبلي ومن بعدي كتاب التوحيد في الصفوف الأولى، فلم يكن كتابه الشهير يأخذنا إلا إلى صفاء المعتقد في الإيمان بالله عز وجل وسنة رسوله وسلوك صحبه. ومع الإمام الكبير محمد بن سعود جمع الاثنان أطراف جزيرة العرب الواسعة في دولة ولواء واحد متحد تحت رسالة التوحيد، وما زلنا حتى اللحظة.

لن نسمح أبدا لمتعصب نكرة أن يقسم قبيلتنا المتحدة إلى شطرين وقسمين تحت عصبية المكان لجاهل لا يرى من الإسلام إلا ما كان تحت طائلة بصره. هؤلاء، بالضبط، هم من يسيئون عمدا إلى تاريخ هذا المجدد الإصلاحي، وهم أيضا من يعمق في خارطة الدنيا بأكملها تلك النمطية الكاذبة عن (الوهابية) كمذهب، رغم أن ابن عبدالوهاب ـ رحمه الله ـ كان تابعا مجددا بريئا من كل ما أضفناه من بعده إليه. ولو أننا جمعنا كل ما أثارته تلك التغريدة الشاطحة ثم رصفناها في ورق لخرجنا منها بسفر ضخم لا علاقة له أبدا برسالة الإمام المجدد. هو لم يترك لنا ـ رحمه الله ـ أعظم من ورق كتاب التوحيد الذي تربينا على قراءته، ولكننا حولنا هذا الكتاب الصغير النقي إلى مكتبة ضخمة، وإلى أقسام وجامعات ورسائل أبحاث. كل هذه الاجتهادات الخاطئة من بعد مجدد القرن العشرين هي من حولته إلى مذهب لم يكن ـ رحمه الله ـ يريده أبدا ولم يسع إليه. ولو كان ابن عبدالوهاب اليوم حيا بيننا لكفانا جميعا بلجم وإخراس هذا التعصب الجاهلي في الإجابة على السؤال الغبي: من أين خرج التوحيد؟