إضافة إلى الدراسة، وطلب العلم، يتعرف المبتعثون على عادات جيدة كالالتزام والحفاظ على الوقت، وحسن إدارة الذات، وهي آداب أكدت عليها السنّة النبوية قبل كل شيء، ولكن رغم ذلك يجد بعضهم صعوبة في الخروج عن بعض عاداته القديمة ذات الطابع السلبي، ويتهاون في تغييرها، ومن هذه العادات عدم الالتزام بالمواعيد.

تقول موظفة في قسم المواعيد في أحد مراكز طب الأسنان، التي يرتادها المبتعثون في لندن لـ"الوطن"، إن "التخلف عن حضور المواعيد عادة مزعجة تلازم عددا من الطلاب السعوديين، بل إن المشكلة تعدت هذا الحد إلى أنهم لا يتصلون لإلغاء أو تغيير مواعيدهم في حال تعذر الحضور؛ من أجل إتاحة الموعد لشخص آخر، أو من أجل عدم ترقب وصول الطالب للعيادة".

وأضافت أن "مركز طب الأسنان اتخذ خطوة للحد من هذه الظاهرة الجديدة عليه، إذ شرع إضافة إلى إرسال الرسائل النصية القصيرة بالاتصال بالطالب قبل الموعد بيوم للتأكيد على حضوره للفحص أو إلغائه، ولكن رغم هذا يفشل الطالب في الحضور في موعده، فبعد الاتصال بالطالب والتأكيد عليه قبل أقل من 24 ساعة من الموعد، يتخلف بعضهم، ثم يطالبون بموعد جديد وعاجل".

وعن الحل من وجهة نظرها، تقول الموظفة: "لا يمكن تغيير هذا السلوك إلا بتأكيد الاتصال مرة بعد أخرى، ومحاولة الحد من التخلف قليلا؛ لأنه في النهاية لا يمكن فرض أي شيء على المريض، لأن هذا العمل تجاري، ولا تريد خسارة الزبائن".

وفي مدينة بريطانية أخرى، ومن أجل الحد من هذه الظاهرة التي تلازم بعض المبتعثين، قام أحد مراكز طب الأسنان بتخصيص يوم بالأسبوع لهم، لأنهم يمثلون عددا كبيرا من المراجعين، ومصدرا جيدا للدخل، وفي هذا اليوم يمكن الحضور دون موعد مسبق، خاصة لمن تخلف عن موعده، ويريد فحصا عاجلا.

وحول هذه العادة السيئة يقول طالب الدكتوراه بندر العصيمي، إن "البيئة البريطانية تساعد كثيرا على تغيير العادات السلبية، بدليل التغير الملموس لدى غالبية المبتعثين، واكتسابهم ميزة المحافظة على المواعيد، ولكن يبقى البعض غير قادر على التغيير، ويرجع هذا إلى سببين هما: عدم التربية منذ الصغر على احترام الوقت كقيمة تربوية، وصعوبة إقناع الشخص بأن المحافظة على الوقت خلق يجب الالتزام به".

وأضاف أن "بعض العادات لن يغيرها البعد الجغرافي، سواء كان الشخص في السعودية أو في لندن، وإن كان الوجود في بريطانيا يجعل الشخص أكثر حرصا على الموعد، بسبب حاجته للتعامل مع سكان البلد الأصليين، ومن في حكمهم".

يقول العصيمي: "باختصار فإن البيئة هي تأثير موقت، وليست قناعة، ومع زوال التأثير تزول القيمة المكتسبة"، مشيرا إلى أن الطالب قد يفقد مثل هذه العادات بمجرد رجوعه إلى بلده؛ بسبب تغير البيئة التي أجبرته شيئا ما على الالتزام بها في فترة ما.

ويرى أن "مجتمعنا يتقبل مثل هذه العادات السيئة، ولا يبدي أي امتعاض من عدم احترام الوقت، فمثلا التأخير لدقائق أو لجزء من الساعة بات أمرا عاديا متكررا ومقبولا، الأمر الذي كرس مثل هذه العادات المقيتة، حتى باتت صعبة التغيير لدى البعض".

ويؤكد العصيمي أن "الابتعاث يجب أن يكون عاملا مساعدا للتغيير في العادات وكثير من أمور الحياة، فهو ليس دراسة فقط، بل اكتساب ثقافة، وعادات اجتماعية مفيدة، هي أصلا جزء مهم من ثقافتنا الإسلامية في التعامل، فالنصوص الدينية الكثيرة كلها تدل على أن الدين خلق ومعاملة".

ويضيف "لو لم أستفد من ابتعاثي لإنجلترا إلا ثقافة احترام الوقت لكفى".