بنظرة بسيطة على المجتمع نجد أن في الثلاثين عاما الأخيرة قفز التعداد السكاني كثيراً بل وتغيرت التركيبة العمرية للسكان؛ نسمع من المختصين في الإحصاءات وقارئي المؤشرات التنموية أن نسبة الشباب تمثل حوالي 60? من عدد سكان المملكة إلا أن هذه النسبة العالية بقراءة أخرى هي الفئة المتعلمة، فيها حملة الشهادات وأصحاب المهارات التقنية والفنية واللغات الأجنبية، كل ذلك مدعوم ببرنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله- للابتعاث الخارجي الذي يدعم الإثراء العلمي والمعرفي، وكذلك زيادة الجامعات الداخلية واتساع نطاق التعليم العام في المملكة، والتطوير المستمر له، وكذلك الاتجاه الكبير لتوطين التقنية من قبل الحكومة، والاتجاه بقوة وسباق الزمن لتطبيق الحكومة الإلكترونية في المجالين العام والخاص، ولعلها سنين قليلة حتى نجد أنفسنا ندير كل أعمالنا إلكترونيا على المستوى الحكومي والشخصي.

هذا هو الجزء الأول من الموضوع بقي المجتمع المستهدف لتلقي هذه الخدمات التي عملت من أجله وهو الجزء الثاني من الموضوع سواء على المستوى الفردي أو الجماعي، وأصبحت بوابات الخدمات الإلكترونية تتوافد يوميا على شاشاتنا، وأصبحنا لا نستغني عن الكمبيوتر والهواتف النقالة الحديثة، فمن خلالها أصبحنا نتلقى الخدمات التي تقدم لنا من تعليمية وصحية والسفر والسياحة، ويترتب عليها عمل الحجوزات والمواعيد وأغلب الخدمات المقدمة للمجتمع، ولكن المتتبع لهذين المسارين وما يقدم لنا سواء من القطاع الحكومي أو الخاص بين ما نريد أن يحصل عليه المجتمع نجد أن هناك فجوة بين مقدمي الخدمة والمتلقين لها، وهو المجتمع على المستوى الفردي والجماعي.

والسؤال الذي يطرح نفسه هل ثقافة التخطيط الأسري مفقودة؟ ومن هو المسؤول هل نحن كمجتمع أم هذه الجهات التي تقدم الخدمة التي لم تمنح المجتمع أو المتلقي لهذه الخدمة الوقت الكافي والدعم الإعلامي للتواصل حتى يستفيد الطرفان؟ ويظهر ذلك من خلال تصرفاتنا كمجتمع وأفراد، عندما نريد السفر لا نهتم كثيراً بطريقة الحجز المبكر المبني على التخطيط الأسري؛ حيث لم نحدد أين سنقضي إجازتنا السنوية منذ وقت مبكر، فتجدنا نهرول قبل وقت قصير من بدء الإجازة ونسأل أصدقاءنا ومعارفنا وكل من يستطيع مساعدتنا في الحصول على مقاعد للسفر لوجهة لم نتفق على السفر إليها إلا في اللحظات الأخيرة.

وقس على ذلك المستشفيات إذ نقرر في وقت قصير أننا نريد أن نذهب لطبيب معين دون حجز مسبق ونحن نستطيع الحصول على موعد قبل وقت كاف، والتقديم لأبنائنا في الجامعات نبحث عن كل من يساعدنا على تجاوز البوابات الإلكترونية للحصول على مقعد في تخصص معين بعد تجاذب الرغبات بين رغبة الآباء وتوجه الأبناء بعيدا عن القدرات الفعلية للطلاب، وقد يذهب الطالب في مسار بعيد عن رغبة الطرفين، ألسنا مخطئين؟ عودا على بدء.. إنها ثقافة مجتمع لم تعط الاهتمام في ظل كل هذه المعطيات، ولو تعاملنا مع أنفسنا بالواقع لاستفدنا من كل ذلك ولم نحتج أن نحرج أنفسنا وأصدقاءنا للضغط على المسؤولين للتجاوز، ولحصلنا على مواعيدنا الطبية في وقتها من غير عناء، ولو خططنا لأبنائنا مبكرين في نطاق قدراتهم لاختيار مساراتهم الدراسية لتعاملنا بكل أريحية في تنظيم أوقاتنا وترتيب مواعيدنا، وكوّنا علاقة احترام مع الآخرين، نعبر إليهم على جسور احترام الأنظمة للتعامل الراقي،.. إن الغد قادم فهل نحن جاهزون؟