كما أن هناك حليبا منزوع الدسم، هناك قلب منزوع الرحمة. وفي القصة الشهيرة حينما جاء أعرابي إلى رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام، رآه يُقبّل الحسن بن علي - رضي الله عنهما - فتعجّب الأعرابي وقال: "تقبلون صبيانكم؟ فما نقبلهم".. فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: "أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة"؟!

أتفهم جيدا قتل الحيوانات المفترسة المؤذية، وأرفض بشدة تكرار أسطوانة التوازن البيئي دون مناسبة.. ما هو التوازن البيئي الذي يحققه ذئب مفترس يجوب أطراف القرى بحثا عن فريسة؟!

لكنني ضد - وهذا ما أود قوله - تعذيب هذه الكائنات الحية.. بل إن تعذيبها يفترض أن يتم تجريمه بشكل صريح.. اذبح لكن "أحسن الذبحة".. اقتل، لكن لا تُعذّب.. قبل فترة شاهدت مقطعاً لشاب ينهال على "قطة" بعصا، وسط ضحكات وصيحات أصدقائه، الذين يصفقون له ويصورونه، ولم يتركها حتى ماتت في منظر بشع!

خلال هذه السنة الكبيسة انتشرت مقاطع كثيرة لشباب يتلذذون بتعذيب عدد من الكائنات الحية كالخيول والذئاب والقطط.. السلوك لم يعد سلوكا فرديا.. الاحتفالية الصاخبة ترافق جميع المقاطع التي يمطرها علينا "يوتيوب" كل صباح!

الأمر يبدو غير مفهوم.. من أين خرج هؤلاء.. من أي بيت.. من أي مدرسة.. من أي مسجد؟!!

المحيّر أكثر أن هذه السلوكيات لا تتم ممارستها في السر، بل تتم ممارستها علنا وبلذة عجيبة.. هؤلاء يتلذذون فعلاً بما يقومون به.. أعلم أن هناك من سيقول: الناس تُعذّب وتذبح بدمٍ بارد في العراق وسورية، وأنتم تتحدثون عن تعذيب وقتل الحيوانات! ولهذا الكائن الحي الناطق أقول: ديننا الإسلامي دين رحمة، ولم يفرق بين إنسان وحيوان في هذه المسألة.. والمرأة التي دخلت النار دخلتها لأنها حبست قطة حتى الموت.. ما الفرق بينها وبين هؤلاء الذين يعذبون الحيوانات أيضاً حتى الموت؟!