يرى البعض من المستهلكين أن جمعية حماية المستهلك بعيدة عنهم نسبيا، ولا تستطيع كبح جماح ارتفاع الأسعار في بعض المنتجات الغذائية وغيرها والوقوف في وجه التّجار وجشع البعض منهم، في الوقت الذي ترى الجمعية على لسان رئيسها الدكتور ناصر التويم في لقائه مع "الوطن" أن الحل لوضع الجمعية وتفعيل عملها بالشكل المطلوب هو إطلاق مبادرة تحت مسمى "خادم الحرمين الشريفين لحماية المستهلك" ترتبط بالملك مباشرة إلى جانب مطالبته بإنشاء محاكم مخصصة للمستهلك.

وتحدث التويم عن دور جمعيته في التصدي لجشع التجار، وعن الأمور التي تحصل داخل أروقتهم والتحايل على الأنظمة فإلى التفاصيل:

ما دور الجمعية في حماية المستهلك من جراء رفع الأسعار في كل الاتجاهات؟ ولماذا لا تقومون بعملكم بالشكل المطلوب للحد من ذلك؟

نحن موجودون ونعلم كل ما يجري في السوق ونبادر بشكل دائم للحد من ارتفاع الأسعار، وإذا ما أردنا إيجاد منافسة عكسية في المواسم الحيوية فقد يلفت الانتباه بأن الأسعار ترتفع بشكل كبير في المواد الغذائية، وفي العام الماضي من حيث الأدوات المنزلية فقد زادت بأكثر من 30% والمواد الإلكترونية ارتفعت بنسبة كبيرة، بالإضافة إلى المواد الغذائية وبنسب متفاوتة، ولكن في السنة الحالية فإن الأسعار مستقرة وقمنا بتوقيع اتفاقية لتثبيت أكثر من 100 صنف، وكان لذلك انعكاس إيجابي حيث إن بعض المراكز التجارية الأخرى بدأت في تخفيض أسعارها لتستحوذ على شريحة كبيرة من المستهلكين.

هل هناك مبررات لارتفاع الأسعار المحلية في الوقت الذي تشهد فيه دول عدة استقرارا في أسعارها وحماية للمستهلك بشكل أكبر؟

أستغرب في الفترات الأخيرة ارتفاع الحليب والأرز لأنه لم تكن هناك أي زيادات عالمياً، فالأرز ولأول مرة يكون له نصيب في إنتاج قياسي على مستوى العالم وصل إلى 494 مليون طن و130 طن حجم المخزون فقط، وبالتالي دول الخليج التي تعد أكثر استهلاكا للأرز فإن الأسعار هنا أكثر من الدول الأخرى، وذلك الأمر يحصل أيضاً مع الحليب وسنعمل على تحقيق مزيد من الاستقرار في الأسعار.

في كل عام في هذا الوقت وعند اقتراب دخول شهر رمضان يبدأ بعض من التجار في رفع الأسعار بشكل مبالغ فيه.. أين أنتم من ذلك؟

الكثير من السلعات الرمضانية ليست مطلوبة بشكل كبير على مدار السنة، وذلك يفوت الفرصة على التجار، وبالتالي يجعلهم ينتظرون شهر رمضان لكي يتم استغلال الزحام والتدافع، وهذا يجعلهم يستفيدون لعدم قدرة المستهلك على قراءة الإستيكرات الموجودة على المنتج؛ بل إن بعض التجار يحاولون إخراج السلع الموجودة في المخازن منذ فترات طويلة وهذه سياسة منهم لتنظيف المخازن.

إذاً أنت تعترف بالمشكلة فما الحل من وجهة نظرك عمليا؟

الحل بيد المستهلك فهو يملك السلاح لكي يفوت الفرصة على التاجر بعدم الاندفاع بسرعة جنونية إلى المتاجر لشراء المنتجات الرمضانية، والدليل على ذلك نرى أن العام الماضي نسبة شراء المواطنين للسلع الرمضانية وصلت إلى 20 مليار، بينما الشهور الأخرى تصل إلى 7 مليارات فقط، وهذه معادلة عجيبة تدل على إنفاق المواطنين من المال في هذا الشهر بدرجة كبيرة، عموما أكثر السلع لم تستهلك بل ترمى في النفايات كون الإنسان يكون صائما ويشتهي جميع المأكولات أثناء الشراء ولكن عند الإفطار لا يستطيع أن يأكل كل ما هو موجود على سفرة الطعام، ويسعدني أن أستغل هذه الفرصة لتوجيه كلمة للمواطنين عن كيفية تحويل شهر رمضان من شهر للطعام إلى الصيام، والأرقام تتحدث عن ذلك والإسراف يؤدي إلى الجفاف ويمحق المعاش، ولا ننسى أن نسبة السمنة والأمراض الأخرى عالية جداً في المملكة.

ما دور الجمعية في قرار وزارة التجارة والصناعة بتحديد أسعار حليب الأطفال الرضع؟

ارتفاع أسعار حليب الأطفال له عدة أسباب رئيسة، منها احتكار 5 أو 6 شركات المنتج في السوق المحلي، وبالتالي يستطيعون التحكم في العرض والطلب، والآن سعر الحليب 400 غرام يحسب بـ 29 ريالا، ولو حسبنا الكلفة الأصلية التي تصل إليها داخل المملكة من 10 إلى 12 ريالا، ومع وجود الدعم الحكومي وكذلك إلغاء الضرائب الجمركية فتصل إلى مبلغ 5 أو 6 ريال، ولكن هناك نسب تجعل الأسعار ترتفع إلى هذا الحد ومنها الأمور التشغيلية التي تصل نسبتها إلى 15% وربح الوكيل 15% ، بينما يوجد 20% للأسف تعطى بشكل هدايا وإغراءات للأطباء والصيادلة كونهم يؤثرون بنسبة 90% على تحديد الصنف في التسويق اللا أخلاقي، ويلعبون دورا كبيرا في تسويق الحليب في المملكة، أما الصيدلية تحصل على نسبة 15%، والضحية من وراء ذلك هو المستهلك مع أن الحليب مدعوم وبالتالي المشكلة أخلاقية وتسويقية في حليب الأطفال، ويجب وضع خط أحمر لأن المستهلك رضيع لاحول له ولا قوة، وأحمِّل التجار هذه القضية بشكل كامل.

وهل أنتم راضون عما تقدمه وزارة التجارة في حماية المستهلك؟

الوزارة تشكر على خطواتها وهي تطبق العقوبات الرادعة للمخالفين، ولكن نحن نواجه أزمات ستظل موجودة وسنعاني منها وهي رفع الأسعار في كل منتج إذا ما كان لدينا مشكلة هيكلية تنظيمية.

ما الحلول حيال التنظيم التي تحدثتم عنه؟

أنا سبق أن طالبت بمبادرة تحت مسمى "خادم الحرمين الشريفين لحماية المستهلك" تنطلق منها مقومات أساسية أسوة بمبادرة الملك في التعليم والقضاء، وهي إنشاء هيئة عامة لحماية المستهلك وترتبط بالملك مباشرة، وتعطى سلطات تنظيمية وتنفيذية ورقابية لأنه في الوقت الحالي عمل الجمعية مشتت ما بين عدة جهات، وكذلك إصدار نظام موحد في اللوائح والغرامات الصادرة من البلدية، وأيضاً إنشاء هيئة عامة للتعاونيات وهو المكمل للعمل الإيجابي لحماية المستهلك، وتستطيع بطريقة وقائية أن تحافظ على الأسعار وإنشاء محاكم مخصصة للمستهلك مخولة بالمخالفات ومطالبة حقوق المستهلكين، ولا يوجد في المملكة قضاة متخصصون فيما يتعلق بحماية المستلهك.

وفي الوقت الراهن كيف ترى الحلول لحماية المستهلك؟

كل ما يحدث في الفترة الحالية مجرد فقاعات وفي كل موسم التجار يستغلون المواطنين، ولا توجد حلول جذرية وهذه تحتاج تعاونا بين الجهات ذات العلاقة، وحتى الأسعار لابد أن تكون لها دراسات ومؤشرات بمعنى أو آخر.

ما السعلة الجديدة التي تطالب "التجارة" بتحديد أسعاره بعد حليب الأطفال الرضع؟

الجمعية تريد من وزارة التجارة تحديد سعر الأرز بعد الحليب كونه سلعة حيوية ومهمة جداً، ومجلس المنافسة في خطوة مشكورة تمكن من تغريم شركات الأرز بمبلغ 80 مليون ريال، ومن الضروري أن يخضع الأرز لقواعد التنظيم في الأسعار، كما أطالب من المواطنين البحث عن البديل الأرخص في المنتجات، وأن يتقيدوا بثقافة المقارنات والاستفادة من البدائل، وبالتالي يجبر صاحب المنتج الأغلى على خفض أسعاره.