هي ثقافات شعوب، وهي مواقف وأحوال، تلك التي تحكم السلوك والعادة في شهر رمضان، فبينما تجد من يكون شهر رمضان عليه "عبئا اقتصادياً" تهوي فيه موازنته المالية إلى حافة الفقر والفاقة، يأتيك آخر، ليكون هذا الشهر "ربيعا اقتصاديا" ينعم فيه في رغد من العيش، لم يكن ليحلم به في أي شهر آخر.
هذه المفارقة الاقتصادية تتجلى خلال شهر رمضان المبارك، وتظهر علاماتها جلية واضحة على من يدخل معتركها، ليتكون فريقان، من خاسر ورابح، وأياً يكن دافع تلك النتائج، فإن اللائمة ستطال صاحب الشأن - لا محالة - حتى وإن سما المنهج ونبل، فهذا لا يقتضي أن تكلف نفسك فوق طاقتها، أو تقصد مكانة وسيلتها تفسد غايتها.
المواجهة بين "السهم الأخضر" و"السهم الأحمر" في بورصة رمضان الاقتصادية، تتحقق في تسليط الضوء على ثقافة الصرف للمواطن في رمضان، بمقابل الوافد الأجنبي، حيث تظهر في كثير من قياسات تلك المقابلة التباين والتفاوت الكبير بين حسن التعامل مع الشهر ومتطلباته، وبين حالة الفوضى التي تطغى على كثير.
ولكون شهر رمضان المبارك من الشهور الذي تستعد له الأسر السعودية بوقت مبكر، بتوفير كميات كبيرة من الأصناف المتنوعة من المأكولات، التي تقدم على السفرة الرمضانية طيلة أيام الشهر المبارك، بسرف وبذخ غير مقبول، يلحظ مدى الإقبال الكبير من قبل المواطنين على مراكز التموين الغذائي، لتشاهد عربات نقل الأغذية تكتظ بالأصناف المختلفة، ليكون هذا الشهر من أكثر الشهور استنزافاً لجيوب أرباب الأسر السعوديين.
يأتيك في الطرف الآخر، كثير من المقيمين والوافدين الذين أجبرتهم الظروف المعيشية على الصيام خارج بلادهم، وبعيداً عن أهلهم، ليكون شهر رمضان لهم - في الغالب - من أكثر الشهور ادخاراً للمال، وذلك من خلال تنظيمهم وتقنينهم لطرائق عيشهم، وصرفهم، بالإضافة إلى استفادتهم من مشاريع إفطار الصائمين التي تنتشر مع دخول الشهر، في المساجد والأماكن العامة.
"الوطن" التقت ببعض العمالة التي استفادت من مشاريع إفطار الصائمين منذ عدة سنوات، حيث يقول المقيم محمد نسيم عامل آسيوي، يعمل في مجال البناء بمركز قبة بالقصيم، إنه أمضى أكثر من عقدين من الزمن في المركز، صام معظم شهور رمضان في الغربة، بعيداً عن أهله، وذلك